برلمانيون وخبراء يحذرون من مخاطر تأخير إقرار الموازنة

العراق 2020/02/12
...

بغداد/ مهند عبد الوهاب 
 
حذر أعضاء بمجلس النواب وخبراء في الاقتصاد من أنّ تأخر إقرار الموازنة العامة للدولة يبعث رسالة سلبية للمجتمع برمته، كما أنه يسهم بأضرار اقتصادية كبيرة تتمثل بتوقف الإنفاق الاستثماري والمشاريع الخدمية الأخرى المرتبطة بأبواب الموازنة، ما يتسبب بإعاقة حركة الاقتصاد بصورة شبه كاملة.
عضو لجنة الخدمات النيابية مها الجنابي قالت في حديث لـ «الصباح»: إنّ «تأخر إقرار الموازنة يعد رسالة سلبية للمجتمع ورسالة عدم اطمئنان للمستثمرين في العراق، وعليه فإن إقرارها يعد من أولويات الحكومة الجديدة».
وبينت أنّ «إطلاق الموازنة وإعادة ترتيب أبوابها سيطلق المشاريع المهمة للمجتمع العراقي من الخدمات، إضافة الى إعادة ثقة المواطن بالحكومة وبالتشريعات التي أقرها مجلس النواب بخصوص المشاريع والقرارات، وتنفيذ مطالب المتظاهرين».
وأشارت إلى أنه «على الحكومة الجديدة العمل وفق معيار ثابت من الإيرادات المالية، ومنها الموارد الداخلة للموازنة من المنافذ الحدودية والموانئ، وتطوير هذه المدخلات من أجل دعم الموازنة وعدم الاعتماد على الايرادات النفطية».
وأكدت الجنابي أنّ «تأخر إقرار الموازنة أعطى طابعاً سلبياً للمجتمع، وبث حالة تخوف من المستقبل، وهو ما يجب أن تسعى الحكومة الجديدة الى إنهائه، عبر إرسال رسالة إيجابية للمجتمع العراقي، أنه (برغم الظروف التي يمر بها البلد، إلا أن هناك حلولاً تلوح في الأفق، وهي حلول مهمة وتطمئن الشارع العراقي على حرص الدولة عليه من جميع النواحي)».
 
سوء التخطيط
بينما أشارت عضو اللجنة الاقتصادية ندى شاكر جودت في حديث لـ «الصباح» إلى أنّ «الموازنة تندرج بها كل التخصيصات والاستحقاقات لكل المحافظات، وعدم اقرارها يعد تلكؤاً في حصول هذه المحافظات على حصصها من التنمية والاستثمار».
وأضافت أنّ «سوء التخطيط وإدارة الازمات كان سببا رئيسا في اخفاق الحكومة في إرسال الموازنة والعمل على إقرارها، إضافة الى أن عجزها وصل الى 43 ترليون دينار، وهو عجز كبير»، مشيرة الى أن « عجز الموازنة جاء بسبب الاعتماد على الدخول النفطية فقط؛ من غير البحث عن دخول أخرى من المنافذ والحدود والموانئ، وهذه العناصر الرئيسة المهمة لا تغذي الموازنة».
وبينت النائب جودت أنّ «هناك شقين في الموازنة؛ هما الشق السياسي، والشق المجتمعي، ويشتمل على مشاريع تصب في صالح الخدمة المجتمعية، ومنها البنى التحتية والمجاري وإنشاء المدارس والطرق والمستشفيات»، ولفتت الى أن «على الحكومة الجديدة أن تقف عند الموازنة وتسأل عن الإيرادات الأخرى (الى أين تذهب أموالها؟)، إضافة الى العمل على مراجعة مشاريع الوزارات والنتائج التي وصلت اليها 
وكيف صرفت الأموال والتخصيصات بهذا الشأن».
ودعت جودت «الحكومة الجديدة إلى العمل على إيجاد حسابات ختامية للمال العام من الوزارات ومحاسبتها على المشاريع المتلكئة والتي صرفت عليها أموال كبيرة، وهو ما يعد هدراً للمال العام».
 
آثار سلبية
عضو اللجنة المالية أحمد الصفار قال لـ «الصباح»: إن «الموازنة تعد خطة مالية اقتصادية سياسية اجتماعية ثقافية، تنظم حياة المجتمع لمدة سنة مقبلة، وإن تأخيرها سيلحق ضررا سلبيا بكل هذه الجوانب».
وأوضح أنّ «تأخير إقرار الموازنة سيركز في طابعه السلبي أكثر على الجانب الاقتصادي، وسيؤخر العمل بالموازنة الاستثمارية، حيث يتحول العمل بالموازنة المؤقتة 1/12 اي مجرد رواتب وأجور يومية، بمعنى توقف الانفاق الاستثماري».
وأضاف الصفار أن «تأخير الموازنة الاستثمارية ستكون له جوانب سلبية كثيرة، منها تجميد المال العام عبر عدم استغلاله، وزيادة نسبة البطالة ورفع مستويات الفقر وخفض مستوى التنمية الاقتصادية، فضلا عن كل الجوانب المالية والاقتصادية والمجتمع بشكل عام».
وأكد الصفار أنّ «مجلس النواب حاول أن يجري تعديلاً على قانون الإدارة المالية في استمرار الاستثمار في المشاريع التي بدأ تنفيذها فعليا في عام 2019، وبحسب قانون الادارة المالية وبمجرد دخولنا في عام 2020 يتوقف كل الصرف وتعود الاموال الى الخزينة العامة»، مشيراً إلى أن «تعديل هذه المادة في قانون الادارة المالية جاء لاستمرار عملية اطلاق الأموال، ومنها استكمال العمل في المشاريع لعام 2019»، مبيناً أنّ «تعديل القانون لا يشمل إطلاق مشاريع جديدة عام 2020، وهو يشير الى التأثير السلبي الواضح في تجميد الاموال وعدم استثمارها، إضافة الى أن عدم إطلاق مشاريع استثمارية يؤثر في كل القطاعات الصناعية والزراعية والتجارية والنقل».
وتابع أنّ «الموازنة مرهونة بتشكيل الحكومة، ومن صلاحياتها تقديمها الى مجلس النواب، بأن ترسل حسب دراستها من الحكومة السابقة أو يجرى التعديل عليها في الحكومة الجديدة ووفق برنامجها الحكومي».
 
آراء الخبراء
بينما أشار مستشار الشؤون المالية لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح في حديثه لـ «الصباح» الى أن «الموازنة تشكل أقل من 50 بالمئة من الانفاق الفعال، وتحرك مضاعفات الدخل داخل الاقتصاد، وإذا توقفت الموازنة توقفت الحياة في العراق، إضافة الى أنّ تأخير الموازنة سيؤخر المشاريع الاستثمارية التشغيلية التي ترتبط بالعمل والنمو الاقتصادي».
وأضاف أنَّ «تعطيل إقرار الموازنة يعد رسالة سلبية للمستثمرين، ويثير فيهم التخوف من الاقدام على الاستثمار داخل العراق، لذلك فإن إقرارها يعطي رسالة اطمئنان وبارقة أمل للتطور الاقتصادي في البلد والانفتاح على العالم بشكل كبير».
وأشار إلى أن «تأخر إقرار الموازنة سيكون عاملا سلبيا على سوق العمل العراقية، إذ سيعيق عمل المستثمرين ويوقف النمو الاقتصادي، إضافة الى خلق نوع من القلق داخل الاقتصاد العراقي، أي ان تضعف من الثقة في الاقتصاد العراقي».
وأكد أن «على رئيس الوزراء أن يعطي رسالة اطمئنان للحياة الاقتصادية من خلال البرنامج الحكومي بإرسال الموازنة الى مجلس النواب وإقرارها، ومن ثم تدوير الموارد وعمل المصارف والائتمان واستقرار العلاقات الاقتصادية مع العالم وتنفيذ الاتفاقات التي وقعها العراق في مجال الاستثمار مع الصين والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية واليابان، وهي إشارات اطمئنان على المدى القصير».
ونوه بأن «على رئيس الوزراء الاتفاق مع مجلس النواب على اقرار التشريعات المهمة، ومنها قانون التقاعد والضمان الاجتماعي الموحد الذي يدعم القطاع الخاص وموظفي الدولة، وهي رسالة اخرى مهمة للمواطن العراقي بالضمان والاطمئنان على المستقبل».
وأشار صالح إلى أن «وجود حكومة قوية قادرة على أن تعطي إشارات قوية لمستقبل الاقتصاد العراقي تنطلق من هذه الفقرات واستعادة الثقة بالاقتصاد العراقي في الداخل والخارج وتفعيل الاستثمارات المهمة التي تدعم مصالح الشعب والوطن».
بينما أشار الخبير الاقتصادي أسامة التميمي لـ «الصباح» الى أن «قانون الموازنة من أهم القوانين التي يجب أن يقرها البرلمان لاستمرار المشاريع في كل أرجاء العراق، لأن عامل التنمية يرتبط بالموازنة واقرارها».
وأكد التميمي أن «إقرار الموازنة يعد خطوة مهمة لكل الحكومات المحلية التي تحدد أولوياتها من خلال الموازنة وحجم التخصيصات المالية التي تصلها منها، إضافة إلى تكملة الانجاز للمشاريع المتوقفة وهي عامل مهم للتنمية».
ولفت الى أن «إقرار الموازنة يدعم استقطاب قطاع العمل، ويقلل البطالة ويفعل عملية الحذف والاستحداث وتفعيل الوظائف»، مضيفا أنّ «على الحكومة الجديدة أن تسرع في انجاز قانون الموازنة من وجهة نظرها ووفق برنامجها الحكومي الذي تعده».
وأضاف أنّ «من اولويات الحكومة الجديدة أن تعمل على دعم الموازنة في برنامجها الحكومي من أجل الإقرار، اضافة الى أن اقرار الموازنة سيسهم في تهدئة الاوضاع في الشارع العراقي من خلال تنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة التي اقرها البرلمان في جلساته».