سامر المشعل
عدد من متابعي صفحة "موسيقى وغناء" وبعضهم من الاخوة العرب، يتساءلون عن غياب العنصر النسوي في الاغنية العراقية؟.
هذه الظاهرة لم تكن وليدة السنين الاخيرة، انما هي ظاهرة تمتد لأكثر من ثلاثة عقود، ما جعل ساحة الغناء العراقي ذكورية بامتياز، اذا ما قارنا عدد المطربين الشباب بالاناث.
السبب بالدرجة الاساس يعود الى الجانب الاجتماعي ونظرة المجتمع الى المرأة، التي تتسم بالدونية والتخلف والبعض يصفها بانها عورة، فكيف اذا أصبحت المرأة فنانة وتخصصت في مجال الموسيقى والغناء ؟!.
مؤكد أن هذه الفنانة سيسقط عليها الكثير من الحيف الاجتماعي ويراها البعض بمرآة افكاره الغرائزية المتخلفة.. فالعائق الاجتماعي هو أكبر الحواجز التي تحول دون ولوج الفتيات الى عالم الموسيقى والغناء، والدليل ان معهد الدراسات الموسيقية في بغداد، من بين مئات الطلبة، لا تتقدم اليه سوى اثنتين أو ثلاث فتيات في أحسن الاحوال في كل سنة.
بينما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان أغلب المغنين، من العنصر النسوي، والصوت النسائي كان هو الطاغي على الساحة الفنية مثل: صديقة الملاية، سليمة مراد، زهور حسين، وحيدة خليل، عفيفة اسكندر، لميعة توفيق، مائدة نزهت، واحلام وهبي.. والقائمة تطول. حتى ان المطربة سليمة مراد منحت لقب " باشا ".
رقي المجتمع ودرجة تمدنه وتحضره.. من شأنها أن ترفع من قيمة المرأة لتأخذ دورها في المجتمع، وهذا ما كان سائداً في المجتمع العراقي لعقود عدة مضت، الامر الذي منح المرأة دوراً بارزاً في جميع مناحي الحياة، بل ان اول امرأة عراقية في العالم العربي تنصب وزيرة هي نزيهة الدليمي ( 1923 _ 2007 ) في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم.
الأديب الالماني غوته يقول " اذا انحط الفن والادب في أمة، هذا يعني انحطاط الامة ". الفن هو المقياس الحضاري لرفعة وانحطاط المجتمع. وعندما تكون هناك دعوات للتفريق بين الجنسين، فهذا يعني أننا وصلنا الى تخوم الذكورية في اهانة المرأة، وبالتالي ان المجتمع وتطلعاته للحرية والمساواة ممكن أن تجعل المرأة تنطلق في التعبير عن طاقتها الحقيقية في المساهمة بالحياة الفنية والادبية والعلمية والرياضية.. الخ.
لكن هذا لم يمنع من ظهور عدد من الفنانات اللاتي تحدين الواقع واثبتن حضورهن في مجال الموسيقى ومنهن: هويدا حنا، آمال احمد، رنا جاسم، ايمان عدنان، شهد جمال، هلا بسام، رانيا نشأت واخريات.. وفي مجال الغناء: شذى حسون، اسراء الاصيل، رحمة رياض، أصيل هميم، نادين عامر وبيدر البصري.. فضلاً عن المطربات اللاتي مازلن يواصلن عطاءهن رغم الصعوبات منهن: أمل خضير، اديبة، فريدة محمد علي و غزلان وغيرهن.