الباحثة الاجتماعية ودورها في المحاكم

العراق 2020/02/17
...

بغداد / آمال محسن
تقوم الباحثات الاجتماعيات بعملهن في المحكمة كلٌّ حسب تخصصها المهني وحسب نوع المشكلات التي تعرض عليها، ولأن عملها صعب ويحتاج إلى هدوء ومقدرة على احتواء المشكلات الاجتماعية وسماع أطرفها، كان لا بد من التعرف عن قرب على طبيعة عملهن ومهامهن في حل المشكلات. تقول بيداء رعد: عملنا يحتاج إلى صبر كثير لا سيّما أن المشكلات والنزاعات ازدادتا بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولو ركزنا على التخصص فإننا نختص بإصلاح ذات البين بين الأزواج بسبب ازدياد حلات الطلاق بشكل كبير. هناك حالات بسيطة تردنا من الممكن الاصلاح بينها، ولكن لو تكلمنا في صلب الواقع لاعترفنا بأن عدد التي نفشل في الوصول الى حلول معها أكثر بكثير، ذلك لأن بعضهم يأتي وهو قد أكمل اجراءات الطلاق شرعيا خارج المحكمة ويرغب فقط بتصديقه، وهنا لا حلَّ سوى تصديق العقد من قبل القاضي، وتؤكد أن عملها يحتم عليها أن تكون صلبة في مواجهة المواقف التي قد تؤثر نفسيا في بعض الأحيان عليها وذلك بسبب شتات الأسر ومعاناة الأولاد جراء الانفصال غير المحسوب بين الأبوين، لا سيّما أن أغلب مشكلاتهم تؤدي إلى الطلاق.
 
تفريق
بينما كنا نتحدث مع الباحثة، دخل رجل كبير في السن يردد كلماته بعصبية، تقدم نحوها قائلا: ليس من المعقول أن تسحبني الى المحاكم وأنا بهذا العمر، فهمنا بعدها أن زوجته رفعت قضية تفريق ورحلت نحو العاصمة حيث يسكن أهلها، حاولت الباحثة أن تقنعه بمحاولة الصلح معها وطلبت منه الذهاب إليها والتحدث معها بهدوء لأن عمرهما وعشرتهما تحتمان عليهما التروي باتخاذ القرار. التفتت بيداء وعادت لتحدثنا: هذه واحدة من الكثير من المشكلات التي نواجهها يوميا. وعن سؤالنا عن كيفية الفصل ومعرفة من صاحب الحق بين الزوجين أجابت: من خلال خبرتنا في مجالنا يمكننا أن نعرف من خلال حركات الشخص وطريقة كلامه والجانب الانفعالي له إذا ما كان صادقا أو كاذبا، لأن كلا الطرفين المتنازعين سيجزمان بأنهما على حق ويبقى علينا تمييز ذلك.
 
مودة ورحمة 
أمّا زهراء جواد كاظم، وهي باحثة اجتماعية قسم ارشاد نفسي، قالت: إن عملها يتطلب منها أن تقنع الطرفين وتوصلهما إلى الصلح مبينة أن أغلب حالات الطلاق في المحكمة بسبب تأثير الأهل على الطرفين ونحاول أن نبحث في هذه النقطة ونركز على جانب المودة والرحمة بين الزوجين وننجح أحيانا في التوفيق بينهما، مشيرة إلى أن العمل في هذا المجال متعب ولكنه ممتع جدا لأن الشعور بالاصلاح بين طرفين متنازعين يكون جميلا جدا كما أننا نحافظ على أسرار الأطراف المتنازعة خاصة وأن بعض النساء يخجلن من التصريح بها. 
أجمعت الباحثات الاجتماعيات على أن انعدام المؤسسات التي تعني بالأحداث أو قلتها وقلة وجود المنظمات الراعية للأسرة العراقية وتفشي البطالة وقلة الوعي الديني وانعدام مراقبة الأهل أو المدرسة كل تلك العوامل مجتمعة أثرت وزادت من المشكلات الاجتماعية، والباحثة وحدها لن تتمكن من حل كل تلك النزاعات سوى ما يدخل الى داخل أسوار المحكمة وبالتالي لا بد من تكاتف منظمات المجتمع المدني والحكومة لتفعيل دور الموسسات الاجتماعية والارشادية لتقليص حجم تلك المشكلات والحفاظ على بنية الأسرة العراقية.