الليـرة اللبنانيـة تواصـل تراجعـها و {النقـد الدولـي» يؤكـد: الوضـع صعـب جـداً
الرياضة
2020/02/18
+A
-A
بيروت/ جبار عودة الخطاط
بعدَ توجّهِ لبنان بطلبِ العونِ العاجلِ من قبل صندوق النقد الدولي والمنظمات الأممية المعنية بالاقتصاد، سعياً للخروج من إزمته الحادة، أكدت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أن «الوضع في لبنان صعب للغاية» بينما شدد كبير مسؤولي البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج على شروط وضعها برسم الساسة اللبنانيين، ليصار بعد ذلك الى مساعدة لبنان، وأكد بلحاج أن “الساسة اللبنانيين بحاجة الى وقفة جدية للإنصات والتقييم، وبالتأكيد فإن الحكومة الجديدة مطالبة بمعالجة القضايا العالقة منذ فترة طويلة، وتحسين إمدادات الكهرباء وتحرير قطاع الاتصالات وإصلاح التعليم، وهذه كلها أمور ضرورية”.
شروط المليار دولار
وقال بلحاج، في حديث تلفازي :” إن مبلغ المليار دولار الذي سبق أن تعهّد به البنك الدولي كقرض للبنان، يمكن استخدامه لدعم الخدمات الاجتماعية والاستثمار في قطاع الكهرباء، وبالتالي فالحكومة عليها أن تنفذ برنامج إصلاحات، وأن توجه إنفاق الموازنة إلى مشاريع ذات جدوى تنموية، ومشاريع الحماية الاجتماعية وموضوع المياه، جميع هذه المواضيع يجب أن تُعالَج بصورة سريعة كشرط للحصول على الدعم”. الى ذلك أبلغ الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، المستشار البريطاني الاعلى للدفاع في شؤون الشرق الاوسط الجنرال السير جون لوريمير أن الازمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها لبنان حاليا، هي موضع معالجة للحد من تداعياتها، مشددا على ان صندوق النقد الدولي سوف يقدم خبرته التقنية في الخطة التي ستعتمد في هذه المعالجة.
واضاف عون، خلال اللقاء الذي حضره الوزير السابق سليم جريصاتي، والسفير البريطاني في لبنان كريس رامبلينغ، يوم الثلاثاء، أن الاوضاع المضطربة في عدد من دول الشرق الاوسط عموما وفي سوريا خصوصا، أثرت سلبا في الاوضاع في لبنان، مشددا على أن العمل من أجل الحد من تداعياتها على الواقع اللبناني يجري على قدم وساق.
جنون الدولار
ويبقى الدولار اللاعب الأكبر بكل فوضويته التي ما برح يرسمها على مؤشر ارتفاعاته المجنونة في السوق اللبنانية التي باتت تعاني شح العملة الصعبة وتحليقها، ليصل سعر صرف الدولار الثلاثاء لدى الصرافين بين 2400 و2450 ليرة لبنانية للدولار الواحد، لتذهب أدراج الرياح التدابير التي سبق الإعلان عنها بغية ضبط إيقاع العملة الاميركية في لبنان .
نقيب الصيارفة في لبنان محمود مراد، أفاد بأنّ “نقابة الصيارفة بالتعاون مع حاكم “مصرف لبنان” رياض سلامة هي التي حدّدت سعر صرف الدولار سابقًا عند 2000 ليرة لبنانية، إلّا أنّنا لم نستطع الالتزام بذلك حتّى لمدّة أسبوع بسبب عمليات المضاربة الّتي واجهتنا من قِبل الصيارفة غير الشرعيّين الموجودين على الطرقات وفي المنازل”. مضيفاً أنّ “التطبيقات الخاصة بالدولار تتلاعب بالسوق وتحدّد الأسعار، وتأثيرها مميت إذا لم يتمَّ وضع حدّ لها”، مشيراً إلى اجتماعه مع المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم، للتأكيد على” أنّ هذه التطبيقات تؤثّر سلباً في التسعيرة”. يذكر أن نقابة الصرافين قد حددت في أواخر كانون الثاني الماضي بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان، سعر شراء الدولار الأميركي بألفي ليرة لبنانية كحد أقصى، وطلبت التقيّد به من قبل الصرافين المرخصين تحت طائلة إلحاق العقوبات الإدارية والقانونية بالمخالفين من قبل السلطات المعنية.
خطر الانهيار
في سياق متصل أكدت وكالة “بلومبيرغ” الأميركية أن لبنان يواجه خطر الانهيار، موضحة أنّ حكومة الرئيس حسان دياب طلبت مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي، تشمل كيفية التعامل مع الديون، ونقلت الوكالة عن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، قولها إنّ الصندوق سينظر في تقديم دعم مالي “إذا ما اقتنعنا بأنّ ثمة جدية
في مقاربة الحكومة”.
وبينما لفتت الوكالة إلى أنّ بعض المسؤولين اللبنانيين قالوا إنّ لبنان لا يرغب في الحصول على حزمة إنقاذ شبيهة بالتي حصلت عليها الأرجنتين من الصندوق في العام 2018، نظراً إلى أنّها ستكون مشروطة، أوضحت أنّ جورجيفا لم تحدد الشروط المحتمل فرضها على لبنان. يُذكر أنّ التوقعات تشير إلى أنّ لبنان قد يحصل من صندوق النقد على ما بين 5 إلى 10 أضعاف حصته البالغة نحو 880 مليون دولار، أي بين 5 و8 مليارات دولار، إذ حصلت مصر في إطار الدعم المالي من صندوق النقد على أكثر من 4 أضعاف حصتها، والأرجنتين على أكثر من 11 ضعف حصتها.
الديون والضرائب
وتابعت “بلومبيرغ” في تقريرها بالقول إنّ السياسيين اللبنانيين يخشون من أن يطلب صندوق النقد زيادة الضرائب وتحرير سعر صرف الليرة الثابت منذ التسعينيات. وفي هذا السياق، قالت الوكالة إنّ حجم الدين السيادي يزيد على 150 % من الناتج المحلي الإجمالي، إذ يحتل لبنان المركز السادس عالمياً من جهة أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي، مضيفةً أنّ المستثمرين الأجانب يدرسون احتمال تخلّف الدولة اللبنانية عن سداد ديونها بحسب ليبنون 24. وقالت الوكالة إنّ أغلبية سندات الـ”يوروبوندز” اللبنانية هبطت إلى أقل من 35 سنتا للدولار، مبيّنةً أنّ سعر السندات سجل انخفاضاً قياسياً الأسبوع الفائت قُدّر بـ74 سنتا للدولار.
هذا ويترقب الشارع اللبناني الخطوات المقبلة من حكومة الدكتور حسان دياب لمقاربة أزمته الاقتصادية والنقدية الحادة وانعكاساتها السلبية على حياة الناس.
إجراءات إنقاذية
رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من جانبه جدد مطالبته بانتخابات مبكرة للخروج من عنق الزجاجة، منوهاً بأنّ “الانتخابات النيابية المبكرة ستكون عنوان المرحلة المقبلة، فور التأكد من أن الحكومة الحالية ستخفق في اتخاذ الاجراءات الانقاذية المطلوبة، وذلك يمكن التأكد منه من أول خطوة عمليّة”.
وأضاف جعجع أن “القوات اللبنانية لم تمنح الحكومة الجديدة الثقة، بعد بيان وزاري مخيب للآمال، وهي ستقف موقف الانتظار اللين من الحكومة ترقباً لما ستتخذه من قرارات واجراءات”. معتبراً أن “صيغة المعارضة الجامعة بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل، لا تبدو ناضجة بعد، وإذا أراد الحريري ترجمة خطابه والذهاب الى المعارضة، فالفريق الوحيد الذي يمكن أن يتّكل عليه هو القوات”.
إعلان {الطوارئ}
الأمين العام للتيار الأسعدي المحامي معن الأسعد من جهته، طالب الثلاثاء بـ “إعطاء فرصة للحكومة، وليس من المنطق والموضوعية اتهامها بالتقصير في وقت قصير” .
لافتاً الى أن “الأجدر بها والأجدى إعلان حال طوارئ عاجلة لمواجهة الازمات، وكذلك الاعلان عن تدابير سريعة لوقف التدهور والكارثة التي تصيب لبنان، وخاصة بعد أن تبنت موازنة الحكومة السابقة، وهي لم تقدم على أي خطوة أو اتخاذ أي قرار لمحاسبة أي فاسد، أو إصدار حتى قرارات إصلاحية لمحاربة الفساد، ورفع الحصانات، والإثراء غير المشروع”. واعتبر الأسعد أن “لقاء رئيس الحكومة وفد صندوق النقد الدولي سيحدد مصير لبنان للمرحلة المقبلة، وخصوصا اذا التزم بشروط الصندوق التي تعني حتما وضع لبنان تحت الوصاية الدولية وتحديدا صندوق النقد”.
تظاهرات واعتصامات
في وجه آخر للأزمة اللبنانية العاصفة، عمد محتجون غاضبون الثلاثاء الى قطع الطريق عند جسر الرينغ – تقاطع برج الغزال، بعد وفاة الشاب أحمد توفيق مساء الاثنين متأثراً بجراحه، بعد إصابته برصاصة في بطنه خلال تظاهرات الجميزات – طرابلس يوم 26 تشرين الثاني الماضي، وشهدت المنطقة انتشاراً لعناصر قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني.
وفي طرابلس، قطع محتجون الطريق في البحصاص تعبيراً عن سخطهم، بينما قام محتجون بقطع طريق حلبا – عكار، وعلمت “الصباح” أن الطرق تم فتحها لاحقاً في منطقتي البحصاص والرينغ.
وجدير بالتنويه أن الشاب توفيق، لازمَ سرير المستشفى ثلاثة أشهر، خضع خلالها لعدة عمليات جراحية لم تفلح في إنقاذ حياته، وتوفي بعد ذلك يوم الاثنين، ولم تعرف الجهة التي تسببت بوفاته. وكان عدد من أهالي مدينة طرابلس قد نفّذوا اعتصاماً ومسيرة جابت شوارع المدينة، احتجاجاً على الغلاء المعيشي، لتعود إلى ساحة النور، ورفع المعتصمون شعارات الثورة، مندّدين بالغلاء المعيشي، وطالبوا المعنيين بالتدخل للحد من هذه الظاهرة، وكذلك ندّد المعتصمون بالتلاعب بسعر صرف الدولار، الأمر الذي انعكس على الأسعار. كما أقام محتجون اعتصاماً أمام مصرف لبنان في بيروت احتجاجاً على ما أسموها بـ “سياسات المصرف الكارثية” .