تحركات دبلوماسية لاحتواء الاشباكات في ادلب

الرياضة 2020/02/22
...


اسطنبول / فراس سعدون
تردد رنين الهواتف الرئاسية بين كل من أنقرة وموسكو وباريس وبرلين، نهاية الأسبوع المنصرم، في مساع دبلوماسية لإسكات أصوات الاشتباكات في محافظة إدلب شمال سوريا، بين الفصائل السورية المدعومة تركياً، والقوات السورية المدعومة روسياً، وتجنب إراقة المزيد من الدماء، في أعقاب إعلان مقتل جنديين تركيين وإصابة آخرين، الخميس الماضي، عند محاولة الفصائل استعادة السيطرة على بلدة النيرب في ريف إدلب الجنوبي.

وأدت المساعي الدبلوماسية إلى عودة الرئاستين التركية والروسية إلى الحديث عن أهمية الالتزام باتفاق التهدئة في إدلب، وإمكان عقد قمة رباعية تشمل زعامتي فرنسا وألمانيا للتباحث في الملف السوري، وفي مقدمته أزمة التصعيد في إدلب، مع تصميم موسكو المتواصل على مساعدة دمشق لاستعادة السيطرة على آخر معقل كبير لمعارضيها، بالرغم من الدعوات الأممية لوقف القتال، وعدم التسبب بسفك دم مدنيي إدلب من السكان أو النازحين.
 
الأولوية للاتفاق
وأكد الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، التزامهما بالاتفاقات المبرمة بشأن إدلب.
وذكرت دائرة اتصال الرئاسة التركية، في بيان، أن اردوغان أكد لبوتين، مساء الجمعة في مباحثة هاتفية، أن الحل في إدلب يكمن في تطبيق كامل لاتفاق سوتشي، مشددا على ضرورة "كبح جماح النظام السوري في إدلب، وإنهاء الأزمة الإنسانية هناك".
وصرّح اردوغان، قبيل مباحثة الجمعة، بأن نتيجة المباحثة ستحدد موقف تركيا في إدلب.
وكان الرئيسان اتفقا عام 2018 في سوتشي على تحديد إدلب منطقة خفض توتر وتصعيد.
وأفاد المكتب الصحفي للكرملين، في بيانه عن المباحثة الهاتفية، بأن الرئيسين اتفقا على تنشيط المشاورات الحكومية، وحوار القنوات العسكرية، بشأن إدلب لتحقيق خفض التصعيد، ووقف إطلاق النار، ووضع حد للمخاطر الإرهابية.
وعبّر بوتين لاردوغان عن قلقه تجاه اعتداءات المجاميع المتطرفة في إدلب، مشددا على ضرورة احترام سيادة أراضي سوريا ووحدتها.
وصرّح دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية، بأن بوتين اجتمع مع أعضاء مجلس الأمن الروسي، لمناقشة وضع إدلب، قبل المباحثة مع اردوغان.
وانتهت جولتان من المباحثات، هذا الشهر، بين مسؤولين أتراك وروس بعدم التوصل إلى حل يوقف القتال في إدلب.
 
قمة محتملة
وكشف اردوغان، قبيل مباحثته مع بوتين، عن تفاصيل مقترح لعقد قمة رباعية بشأن سوريا بين زعماء تركيا، وروسيا، وفرنسا، وألمانيا، تلقاه من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، في مباحثة هاتفية جمعتهم، الخميس، على وقع تطورات إدلب الخطيرة.
وقال اردوغان: إن القمة الرباعية مقترح عقدها يوم 5 آذار في اسطنبول، متحدثا عن مطالبة ماكرون وميركل لبوتين، في مباحثة هاتفية جرت الخميس أيضا وجمعت الثلاثة على حدة، بوقف إطلاق النار في إدلب.
وكان ماكرون طالب، الجمعة من بروكسل، بعقد القمة الرباعية بشأن سوريا في أقرب وقت ممكن. وعقّب بيسكوف بأن "احتمال عقد قمة قيد البحث"، متابعا "لا وجود لقرار واضح بعد".
 
مساندة أميركية.. ولكن
وجددت الولايات المتحدة الأميركية تأكيد وقوفها مع تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولكنها لم تقرر بعد نشر منظومة دفاع صاروخي (باتريوت) لدعمها في سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية التركية عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، قدم التعازي للحكومة التركية بمقتل الجنديين التركيين، قوله "نقف إلى جانب تركيا حليفتنا في الناتو ضد مثل هذه الأعمال، والرئيس دونالد ترامب أعرب عن مخاوفه حيال التطورات في إدلب خلال اتصاله مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان السبت (قبل) الماضي".
وتطالب أنقرة واشنطن بدعم ميداني في سوريا يتخطى التعبير عن الدعم والمساندة في البيانات.
ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تصريحه "نحن على علم بطلب تركيا نشر صواريخ باتريوت بالقرب من الحدود السورية، لكننا لم نتخذ قرارا بعد. سنواصل المفاوضات مع السلطات التركية بشأن الوضع المقلق في إدلب".
وكان خلوصي أكار، وزير الدفاع التركي، نفى، الخميس في مقابلة مع تلفزيون "سي.إن.إن تورك"، أن تدعم الولايات المتحدة تركيا بجنود في إدلب، غير أنه لفت إلى إمكان أن تقدم واشنطن دعما عبر بطاريات باتريوت، لوجود تهديدات صاروخية ضد تركيا.
 
الموقف الميداني
وعقد وزير الدفاع التركي، الجمعة، اجتماعا في مركز القيادة التكتيكية لإدارة عمليات الجيش في إدلب.
وأوردت صحيفة "صباح" التركية المقربة من الحكومة تفاصيل عن الاجتماع داخل مركز القيادة الواقع في ولاية هاتاي الحدودية مع سوريا. وأوضحت الصحيفة أن الوزير أكار، ورئيس هيئة الأركان، وقائد القوات البرية تلقوا شرحا على الخرائط العسكرية بشأن المستجدات الميدانية في إدلب.
وأشرف أكار على سير الاشتباكات بين فصائل المعارضة السورية المدعومة تركياً، وقوات الجيش السوري، في بلدة النيرب الواقعة عند طريق حلب – اللاذقية الستراتيجي المعروف باسم (M4). 
وتأتي الاشتباكات ضمن عملية لاستعادة السيطرة على النيرب أطلقت، الخميس، عقب يوم من تهديد إردوغان بشن معركة في إدلب، وقد تمكن عناصر الفصائل وجنود أتراك من دخول النيرب، قبل أن يتراجعوا بفعل قصف روسي كثيف، وورود أنباء مقتل الجنديين التركيين. 
وسيطر الجيش السوري على النيرب، مؤخرا، في إطار تقدمه الميداني الكبير المتواصل منذ كانون الأول الماضي.
 
المخاوف الإنسانية
ودعا أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة، لوقف إطلاق النار في إدلب.
وقال في تصريحات من نيويورك إن "هذا الكابوس الذي صنعه البشر لمعاناة الشعب السوري المطولة يجب أن يتوقف. يجب أن يتوقف الآن"، محذرا "إننا بصدد مواجهة أكثر خطورة مع عواقب لا يمكن التنبؤ بها للغاية".
وتضم إدلب ملايين المدنيين نزح مئات الآلاف منهم، بسبب قتال الشهور الأخيرة، طبقا لتقارير دولية، في حين كذبت وزارة الدفاع الروسية أرقام تلك التقارير، حاثة نظيرتها التركية على السماح لنازحي إدلب بدخول مناطق سورية أخرى تسيطر عليها القوات التركية.
ودعا ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، إلى "الوقف الفوري لإطلاق النار لمنع مزيد من المعاناة، وما نخشى أن ينتهي بحمام دم ... مع اقتراب خطوط القتال الأمامية والعنف المستمر من المناطق المكتظة بالنازحين".
وأرسلت الأمم المتحدة، الجمعة، 7 شاحنات محملة بمساعدات إنسانية إلى إدلب عبر تركيا التي تغلق حدودها بوجه نازحي إدلب، بعد أن ضاقت بملايين اللاجئين السوريين إليها في السنوات السابقة، في حين تعمل على تأمين مخيمات مؤقتة للنازحين الجدد.
وعلق اردوغان على هذه المسألة "أين سنوفر السكن لهؤلاء؟ من تدابيرنا في إدلب تأسيس منطقة آمنة بطول 30 – 35 كيلومترا من حدودنا باتجاه الداخل السوري، وقد أقدمنا على خطوة جديدة حيال إقامة هذه المنطقة"، مبيّنا أن الخطوة تتمثل في بناء مساكن مؤقتة مساحتها 25 – 30 مترا مربعا.
ولم يعلن أي توافق على إنشاء المنطقة الآمنة المنشودة تركياً.