{الصباح» تناقش أسباب غياب المدرب العربي عن منتخباتنا الوطنية
الرياضة
2020/02/23
+A
-A
الحلة /محمد عجيل
كثيرة هي الاسماء التدريبية العربية التي اثبتتْ وجودَها وكفاءاتها على الساحة الكروية سواء العالمية او القارية والتي تمكنت من بناء اجيال يشار لها بالبنان في المنطقة العربية وبقيت راسخة في ذاكرة المشجع العربي ردحا من الزمن فمن منا لا يتذكر المدرب التونسي عبد المجيد الشتالي الذي قاد منتخب بلاده في مونديال الارجنتين والجزائري محيي الدين خالف الذي قاد منتخب بلاده الى قهر الألمان في موقعة روما الشهيرة ومواطنه رابح سعدان الذي تواجد مع الجزائر في مونديال المكسيك عام 1986
كما لا يمكن اغفال محمود الجوهري الذي لم يكتف بما قدمه مع الكرة المصرية فانتقل الى جوارها مقدما شوطا تدريبيا رائعا مع الكرة الاردنية واستطاع ان يقدم جيلا جديدا اثبت جدارته على مستوى القارة واصبحت في عهده كرة النشامى تتحدث بقوة في المناسبات المتنوعة ومن منا كذلك لا يقف احتراما وإجلالا للمدرب نبيل معلول الذي حاز مساحة واسعة من الإعجاب حتى حط به الرحال مع نسور قاسيون ولا يمكن باي حال من الاحوال ان ننسى اسماء مثل السعودي ناصر الجوهر والمصري حسن شحاتة والمغربي بادو الزاكي و... اسماء كثيرة لا يتسع المجال لذكرها لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو لماذا يغيب المدرب العربي عن المنتخبات العراقية هل الأسباب مرتبطة بالمستويات الفنية المتقاربة بين المدرب العراقي ونظيره العربي ؟ ام ان كاريزما المدرب العربي لاتتطابق مع مزاجات اللاعب العراقي ؟ ولربما يكون السبب كما قال المثل الدارج مغنية الحي لا تطرب رغم دفء ونعومة صوتها .
ويبدو ان تجربة المدرب العربي مع الاندية نالت النجاح في فترة وفشلت في فترة اخرى حيث تمكن السوري حسام السيد من تحقيق نجاحات باهرة مع القوة الجوية من ضمنها الفوز ببطولة كاس الاتحاد الآسيوية وهي مسابقة قارية تعد في المرتبة الثانية بعد دوري الابطال كما تمكن من الفوز ببطولة العالم العسكرية التي جرت في اذربيجان والى جانب السيد كان هناك مواطنه نزار محروس الذي قاد اربيل الى زعامة الدوري العراقي قبل ان يستقيل لاسباب صحية ولم تنته مهام المدربين السوريين عند محروس بل وصلت الى مدينة البصرة حيث تعاقد ناديها الميناء مع السوري فجر ابراهيم ورغم الفترة القصيرة التي امضاها هذا المدرب مع فريق السفانة الا ان بصماته بقيت واضحة على ماقدمه من جهود فنية .
حضور مصري
توجهت الأنظار عام 2014الى اروقة نادي الشرطة الذي كان يستعد انذاك للمشاركة في بطولة كاس الاتحاد الاسيوي حيث يتواجد المدرب المصري محمد يوسف في اول تجربة تدريبية مصرية وعربية مع كرتنا بقيمة مالية كانت هي الاغلى انذاك وكانت مهمة يوسف هي استعادة بريق القيثارة وفعلا تمكن من ذلك من خلال النتائج الجيدة التي حققها الفريق في الدوري او في تصفيات البطولة القارية ويبدو ان محمد يوسف كان يحلم ابعد من ذلك فقد ذكر في تصريحات صحفية ان لديه الرغبة في العمل مع المنتخبات العراقية من دون ان يذكر الفئة العمرية وفي مقابل هذه التجربة كانت هناك تجربة مصرية اخرى تجري في الجنوب ومع نادي السماوة الذي تعاقد مع المدرب المصري محمد علوش وكان من انجازاته هو ابقاء كرة السماوة في الدوري الممتاز ويضاف الى هذين الاسمين مدرب اخر هو حمزة الجمل الذي اشرف على تدريب فريق نفط الوسط لكنه لم يحقق معه ما يطمح من انجاز
غياب عن المنتخبات
سجل غياب المدرب العربي عن المنتخبات العراقية منذ ازمنة ولم يظهر اسم لهذه المهمة منذ تاسيس الاتحاد المركزي لكرة القدم عام 1948ورغم ما وصلت اليه الكرة العربية من تطور شهد لها القاصي والداني ومنها الوصول الى كاس العالم في المكسيك عام 1986 الا ان الكرة العراقية عزفت بشكل كامل عن التعاقد مع مدرب عربي وربما تتعلق اسباب ذلك في كونها كانت ترى نفسها الأفضل عربيا وان المدرب المحلي يقف في المقدمة في عهود غابت فيها الاسماء التدريبية العربية وبرزت اسماء مثل عبد الاله محمد حسن وعادل بشير وشوقي عبود وثامر محسن وواثق ناجي وعادل جرجيس وَعَبَد القادر زينل وعمو بابا وأنور جسام وغيرهم يقول الصحفي الرياضي علي رياح: ان تجارب المدرب العربي في العراق وتحديدا مع انديتنا محدودة للغاية ولم تظهر بشكلها الواضح الا في حقبة ما بعد 2003 والسر في الاحجام عن التعاقد مع المدرب العربي لاي من المنتخبات العراقيةيعود بالدرجة الأساس الى مزاجنا الكروي العام الذي يتمسك حتى الان بفكرة ان منتخبنا هو الأفضل عربيا ولهذا فان مدربينا هم الأفضل مقارنة بسواهم واضاف ان هذه الفكرة ليست صحيحة في كل الظروف والأزمنة ولا تنطبق على جميع المدربين هنا وهناك لان الكرة عالم متغير حتى إنكلترا الاكثر تزمتا في هذا المجال وفي غيره فتحت أبواب الدوري الانكليزي امام الاحتراف الأجنبي على صعيد اللاعبين والمدربين ويرى الزميل رياح انه اذا تهيأ لاي منتخب وطني في يوم من الايام مدرب عربي كفوء يفوق في مواصفاته مدربينا فلا مشكلة أبدا اما اللجوء الى المدرب العربي لمجرد التغيير في ظل وجود مدربين عراقيين افضل علميا فلا ارى في التجربة فائدة او ضرورة
عقدة نفسية
بينما يقول الزميل اياد الصالحي رئيس القسم الرياضي في الزميلة المدى هناك ثمة تساؤل منطقي يسبق محور الموضوع اللافت الذي تطرحه صحيفة الصباح هل تنجح اللجنة التنفيذية لاتحاد كرة القدم المقبل او الذي يليه في ازالة العقدة النفسية المتجذرة منذ عقود ماضية بان المدرب العراقي افضل المدربين العرب وان تسمية اي مدرب عربي مهما ذاع صيته تمثل ضربة موجعة لقيمة وكفاءة المدرب الوطني برغم سهولة التعامل معه وقرب ثقافته وعاداته من لاعبنا؟صراحة عندما نستحصل الجواب عمليا يمكننا ساعتها فهم وادراك مغزى تجاهل جميع اللجان التنفيذية عبر تاريخ الاتحاد المركزي الاستعانة بالمدرب العربي في مهمات استثنائية على الأقل. الامر الاخر الذي يطرحه الزميل الصالحي هو معتقد الشارع الرياضي الذي جرى التثقيف عليه اعلاميا خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي واستمر الى يومنا هذا بان المدرب العراقي افضل من جميع المدربين العرب عطفا على انتصارات بارزة في مسيرة كرتنا منها قهر عمو بابا البرازيلي زاغالو في خليجي مسقط عام 1984بعد هزيمة السعودية برباعية نظيفة كانت كافية لترحيله فجرا على متن اجهز طائرة متجهة الى بلاده وانتصار انور جسام على اسبانيا بهدفين نظيفين في مونديال الشباب عام 1989 وتاهيل الرباعي زينل واكرم وواثق وأنور منتخبنا الوطني الى مباراتي الحسم امام سوريا في تصفيات مونيال ولكن اعتقد ان هناك فرقا شاسعا بين الزمنين واضاف ان مخاوف اتحادنا طوال هذه السنين تكمن في عدم صناعة المدرب العربي الفارق لبلده كي يعول على انتدابه لكرتنا وهناك امر اخر ان ما يخصص للمدرب الأجنبي من اهتمام مالي ونفسي وتعامل احترافي يفوق حصة المحلي أضعافا وهو ما يدعو غالبية المراقبين لعدم التعاطي مع تجربة العربي لانه سيلقي مصير ابن الوطن على حد سواء وللتاريخ نذكر الأجيال عبر الصباح الغراء بمكانة المدربين العرب في البطولة الاولى كاس العالم اذ يعد التونسي عبد المجيد الشتالي اول مدرب عربي قاد منتخب بلاده في تاريخ المونديال ثم جاء الجزائري محيي الدين فقاد منتخب بلاده الى قهر الألمان في موقعة روما الشهيرة عام 1982ثم تلاه مواطنه رابح سعدان في مونديال مكسيكو وعاد حضوره في مونديال جنوب افريقيا عام 2010 كما توج الجوهري مشواره بقيادة مصر في مونديال إيطاليا وتولى المغربي عبد الله بليندة مهمته الوطنية في مونديال اميركا عام 1994
اهل الكرة ادرى بشعابها
يرى لاعب منتخبنا السابق والمدرب رزاق فرحان ان مهمة قيادة فرقنا الوطنية ليست سهلة كما يراها البعض وهي ليست محط مزايدات سواء اعتمدت على المدرب المحلي او الأجنبي فهي تحتاج الى قرارات مدروسة تأخذ بعين الاعتبار مميزات وخبرات وسلوكيات من تسند لهم المهمة واعتقد ان غياب المدرب العربي عن قيادة منتخباتنا يدخل في اطار ان المحلي يعرف جيدا خفايا الكرة في ظل عدم استقرار الاوضاع من تنظيم دوري ونظام مسابقات وهي الامور السائدة منذ عام 2003 الى يومنا هذا اما في العقود الماضية فان النظرة السائدة ان مدربنا افضل من نظيره العربي بوجود اسماء عراقية يشار لها بالبنان ولو اخذنا مثلا ان المدرب انور جسام انتزع الميدالية الذهبية من منتخب المغرب العنيد عام 1985ومن امام خمسين الف متفرج غص بهم ملعب الدار البيضاء وكان من الطبيعي ان يتمسك اتحاد الكرة بالمدرب العربي لكن الظروف التي احيطت بمشاركة منتخباتنا وقرار الحصار على ملاعبنا هي التي رجحت كفة المدرب العربي وجعلت له الأفضلية مقارنة بمدربينا كونه نال حصة كافية من الدورات التدريبية
طموح عربي
وفي معرض تعليقه لنا أشار المدرب السوري حسام السيد الى ان قيادة المنتخب الوطني العراقي طموح يسعى اليه كل المدربين العرب لكن اعتقد ان استقدام اي مدرب سواء كان عربيا او اجنبيا يخضع الى مزاجات متعددة ادارية وجماهيرية وإعلامية وبالتالي نجد ان هناك تخوفا من ردة فعل غاضبة في حال فشل المدرب العربي وانا شخصيا قدمت انموذجا متميزا بعملي في العراق مع نادي القوة الجوية لكن لم أتمكن من الوصول حتى الى درجة الإشارة فقط في مساعي اختيار مدرب للمنتخب الوطني تاركا الامر لأهل الكرة فهم ادرى بشعابهم من غيرهم ويعتقد المدرب المصري حمزة الجمل ان عمل المدرب العربي في العراق ليس بتلك السهولة التي يتصورها البعض لان الجمهور العراقي متعصب الى درجة الجنون وغالبا ما يكون ضحايا الاخفاق الملاك التدريبي ولا اعتقد ان المدرب العربي بمقدروه تحمل ذلك ولنا مع الاندية التي عملنا معها مثال على ذلك .