زيد الحلّي
العراق وطن ولود، لكن ولاداته غير قابلة للعيش، كون الموت يصاحبها عند بذرتها الاولى. وشخصيا، اجد في حصول اي مواطن عراقي على براءة اختراع هو ولادة جديدة لعبقري، غير أن طمر هذا الاختراع في اقبية دائرة الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية، باعتبارها الجهة المسؤولة عن تسجيل ومنح شهادات براءة الاختراع ، يعني الموت الزؤام. لقد حدثني صديق اثق به، ان دائرة التقييس ، تضم عددا كبيرا من براءات الاختراع ، لم تر النور كتصنيع او استفادة من قبل الدوائر الرسمية ذات العلاقة، على الرغم من اننا نقرأ في صحفنا، ونشاهد من على شاشات التلفاز انباء ولقاءات مع مبدعين عراقيين، حصلوا على براءات اختراع في مجالات الحياة كافة ، غير انها بقيت مجرد انباء طواها النسيان ، وداهم اضابيرها التراب، حتى ان المخترعين انفسهم عزفوا عنها، واغمضوا أعينهم عليها، وفي سرهم قالوا : ليتنا لم نتعب أنفسنا ، ونشغل فكرنا وأسرنا في (اختراع) .. قُدم ورقا ... وبقى ورقاً !!
نقترح، اصدار تعليمات تلزم الوزارات بتشكيل شعبة او مديرية مهمتها تنفيذ براءات الاختراع العراقية، وهذا كفيل بوضع اللبنات الاولى لخلق قاعدة سليمة على طريق تشجيع العقول العراقية لإبداع اوسع وافكار اعمق ، وينبغي لهذا الشعب والمديريات المستحدثة، إبداء الاحترامات والتسهيلات للمخترعين، ودراسة جدوى هذه البراءات والسعي لإظهارها الى الواقع... فالمخترع هو عالم حتى لو كان في بداية الطريق، فكم من مشروع علمي كبير بدأ بفكرة لمخترع بسيط في بداية حياته الدراسية والعلمية، ثم تطور حتى أخذ شكله المعروف.
حري بنا ، تشجيع العلماء العراقيين، لاسيما الحاصلين على براءات الاختراع، فبذلك نقهر التخلف والظلام والجهل.. فما أبعد الانسان عن الانسان ، ان كان منفعلاً وليس بفاعل.. مقلدا وليس بمبدع.. ان مثل هذا الانسان يتلبسه الخوف من التقدم ، فيرتد الى الخلف هرباً !
ان الانماء العلمي لا يتم في استيراد الادمغة ، بل بتنمية الطاقات البشرية العلمية وتعزيزها ... لقد حان الوقت ان نشارك في بصمة الابداع العالمي ، وننتقل من مرحلة الاستهلاك الى مرحلة العطاء.نؤكد ان رعاية المخترعين، واجب في عنق الوطن.. فالمخترع ينظر الى الحياة بعين استشرافية .. فهل ننتظر قريبا مؤتمرا ومعرضا شاملا للاختراعات والمخترعين العراقيين؟ نأمل ذلك !