صدرت حديثاً عن دار الشؤون الثقافية العامة- وزارة الثقافة، دراسة تحليليّة تحت عنوان "فلسفة الدين في فكر أركون" للدكتور جاسم علك شهاب، وقد قسّمت الدراسة إلى أربعة فصول، ومن عناوينها: "سيرة محمد أركون.. حياته وتكوينه الفكري، مفهوم فلسفة الدين، المسائل الفكرية والدينية عند محمد أركون، التشكيل البشري للدين عند محمد أركون".
انتقى الباحث محمد أركون موضوعا لدراسته عن الفلسفة، لتضمنه ميزتين وهما: "استيعاب التركة الضخمة للفكر الديني النقدي المعاصر من ناحية، ومعرفته بتاريخ الدين الإسلامي وتشعباته وتعقيداته وثراءات إلهامه من ناحية أخرى، فهو، بتعبير آخر، يصلنا من خلال فلسفته للظاهرة الدينية بالحركة النقدية الحديثة في الغرب".
وفي موضوعة "المشروع التجديدي" يقول الباحث إنّ "محمد أركون الذي اتخذ من التحليل والتفكيك نهجاً، محاولاً إيجاد مشروع حيوي يلبي الاستخدام المعرفي النقدي المتراكم من الفلسفة والعلوم الإنسانية، هذا المشروع كان محاولة جادة لاستثمار التوجه العقلي التحليلي في تاريخ الفلسفة على نحو ما في (فلسفة الدين) واستخدامه لتفكيك النص القرآني، والتراث العربي الإسلامي، ولتأسيس منهج جذري حداثي، يقوم على نقد العقل وبنيته، وآلياته، قائلا عنه (ينبغي العلم بأنّ الإسلاميات التطبيقية هي علم جديد مختلف عن الإسلاميات الكلاسيكية، أو ما يدعى عموما بالاستشراق).
تبلورت الخطوط العريضة لمشروع أركون الجديد عام 1973م، بهدف تطبيق (الاستراتيجية المعرفية)، ليطرح في الدراسات الإسلامية لكي يهتم به الباحثون العرب والمسلمون عموماً، لاسيما وهو مشروع يهتم بالنص الديني بصفة
خاصة.
ويبيّن جاسم (حقيقة فلسفة الدين)، وذلك في مجموعة من المطالب منها نحت مصطلح فلسفة الدين والذي يقول عبره "فلسفة الدين منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي عند مؤرخي الفلسفة أُلحقت بالفلسفة كما ألحقت دراسات أخرى وجعلوها فروعاً لها أو ذيلاً محلقاً بها وأظهرها فلسفة الدين، ومجال فلسفة الدين قضايا ومشكلات أهمها الألوهية أو إمكان معرفتها ومعرفة صفاتها وحجج أثبات وجود (الله تعالى) وتحديد العلاقة بين الله والعالم وكيفية فهمها والأدلة التي استندت إليها، كذلك تبحث فلسفة الدين أسئلة تتعلق بماهية الدين نفسه وفلسفة اللغة الدينية".
ويشير الباحث في مقطع من خاتمة الكتاب إلى أن "محمد أركون حاكى غيره من الفلاسفة، سواء في منهج النظر إلى التراث الديني بإتباعه المنهجية المتعددة، أو في قراءة الآثار الفلسفية، وأسهم في وضع وإنشاء المفاهيم، وصياغة المصطلحات التي يمكن أن تكون نقطة انطلاق في تجديد فلسفة الدين.
وفلسفة الدين بمفهومها تتناول قضايا أساسية حول الدين، والتي بحثها الفلاسفة، من قبيل الأبحاث المتعلقة بالله تعالى، الوحي، التقديس، النص الديني، باستخدام أساليب فلسفية للإجابة عن التساؤلات حول هذه المفاهيم، لذا فإن الفيلسوف يحتاج إلى فهم وادراك كاملين لانساق الفلسفة والعلوم المرتبطة بطبيعة البحث، كما فعل أركون من خلال توظيف الدراسات الإنسانية او كما يسميها -علوم الانسان والمجتمع- والإفادة منها في التحليل والنقد". وجاءت الدراسة بـ (472) صفحة من القطع الكبير.