متطلبات خططية وأخرى تقنية غائبة عن دوري الكرة

الرياضة 2020/02/28
...

قراءة / علي النعيمي
 
لعل من أهم الأمور التي تشغل أذهان المدربين وتؤرق الطواقم التدريبية خلال الفترة الحالية من عمر دوري الكرة، هي طريقة التكّيف مع الآلية الجديدة للمسابقة وكيفية المضي قدماً في تقديم المستويات الفنية والخططية وحماية اللاعبين من شبح الإصابات عبر مبدأ نظام المداورة في ما بينهم ومعرفة شدة الجهد البدني وإبعادهم عن الحمل الزائد الناجم عن المباريات القوية، بالإضافة الى ترسيخ مبدأ ثقافة اللعب التي يسهم في زيادة الحس التكتيكي والتصرف الذهني لحظة اتخاذ القرارات في المستطيل الأخضر مروراً بما يعرف بـ» الخطة البديلة « المصحوبة بالمتغيرات التي تحدث خلال اللقاء، انتهاء بتقليل هفوات حراس المرمى المستمرة خلال الجولات الماضية التي كانت السبب الرئيس في حصول المزيد من الأهداف بالإضافة الى متطلبات خططية ومستلزمات تقنية متطورة لا تزال بعيدة عن منهجية العمل التدريبي في العراق .
 
ثقافة اللعب
يعد مفهوم ثقافة اللعب من الأمور الجوهرية التي تدخل في العملية التطويرية وطريقة الارتقاء باللاعبين من حيث التطبيق والأداء الفعلي، وهنا يتضح لنا ان السواد الأعظم من أندية الدوري تفتقد إلى مفهوم أساسي يدخل في صلب العمل التدريبي ألا وهو مفهوم (ثقافة اللعب) ولا نعني به ما ذهب إليه الكثير من الزملاء والمدربين عندما يعبرون عنه كونه (الجانب السلوكي والانضباطي للاعب ومدى احترامه لقرارات الحكام والتزامه في التدريب) لا بل نعني به : « الأساليب التي تساعد الجهاز الفني في الارتقاء والوصول الى ما يعرف بـ (التآلف الذهني) و(التصرف البديهي) و(الذكاء الخططي) عند التطبيق الميداني في الملعب وخلال التدريب، عبر اختيار تمارين نوعية تهدف الى تطبيع اللاعبين على حالات خططية معينة تصادفهم في المواجهات وتسهم في زيادة مسألة التقييم الذاتي أو توقعهم النظري للحالة بثوان معدودة بغية استخدام المهارة المثالية المناسبة عند التطبيق العملي» ،أي ان (ثقافة اللعب) عبارة عن « تمارين متطورة تهدف لتنمية نموذج عقلي افتراضي في أذهان اللاعبين مستنبط من وحي حالات اللعب بحيث يؤثر لاحقا في تحفيز عقلهم اللاواعي لاتخاذ القرار الأمثل عند التطبيق الصحيح على ان تقترن بمشاهدة صورية مثل تحليل قرارات اللاعب خلال المباراة وتوضيح مسار لعبه وتفسير نموذجه الحركي عند التحرك في الملعب».
 
(Plan B)
أما المفهوم الثاني الذي يفتقده السواد الأعظم من أنديتنا هو ما يعرف بالخطة الثانية أو البديلة (Plan B) والذي أبقى الرتابة في اللعب في بعض المباريات وعدم تغيير النتائج لإيجاد المعالجات التكتيكية السريعة و لتدارك الموقف انسجاما مع المتغيرات الخططية التي تحدث بحيث لا يستغرق تنفيذها أكثر من 3 دقائق، وسبق للاعبين التدرب عليه، لكن للأسف الشديد نسمع ان الكثير من المدربين لا يعيرون أي اهتمام لـ (Plan B) أو الأساليب البديلة بخلاف ما يطلقه البعض منهم بين الحين والآخر عبر تصريحاتهم الصحفية قبل المباراة بأنهم سيلعبون بأسلوب مغاير وكأن لسان حالهم يقول « سنلجأ الى الخطة الأساسية التي تعرف بـ ( Game Plan) أو(Plan A)، وليس البديلة (Plan B) المتوقعة حدوثها في اللقاء عطفاً على التفاصيل المفاجئة التي تحدث وتقتضي إعادة تقييم الموقف، كإجراء التغييرات الستراتيجية مصحوبة بتعديل أنظمة اللعب وتعدد أدوار اللاعبين الإضافية وتحوير بعض المراكز ليتلاءم مع تطبيق أنظمة الدفاع أو زيادة العدد الهجومي لتعقيد الموقف على الفريق المقابل، لا الاستمرار بمنهجية اللعب الطويل او الرهان على مصيدة التسلل والاكثار من الأخطاء وقتل الوقت الفعلي للمباراة بشكل ممل.
 
هفوات حراسة المرمى
ما لا يقبل الشك  فيه ان انتظام آلية مسابقة الدوري يجعل اللاعبين ومن ضمنهم حراس المرمى في الفورمة المطلوبة والجاهزية العالية بسبب احساسهم بأجواء اللعب الحقيقية ويعزز من اكتسابهم الثقة العالية بالنفس وشجاعة التحدي أثناء المواجهة في ظل برنامج تدريبي واقعي يرنو لتصحيح الأخطاء التي تحصل خلال الجولات الماضية بشقيه العملي التطبيقي والنظري وعليه أن فلسفة كرة القدم قائمة على الأخطاء ومن البديهي أن يرتكب حماة المرمى العديد من الهفوات المقبولة لكن علينا ان نطبق هنا المعيار التالي وهو أن تكون إيجابياته تفوق سلبياته لاسيما في المواجهات الجماهيرية او غيرها من المباريات المقبلة بل هي الفيصل في تصحيح المسار عن طريق تقويمه وتحفيزه نفسيا وذهنيا ويجب على المدرب أن يسأل نفسه أولاً هل اتبع الأسلوب الصحيح في إيصال المعلومة عن طريق التمارين الواقعية لحل ذلك؟ لكن بخلافه عليه ان يستبدله ويمنح البديل فرصة المشاركة.
 
نظام المداورة
خلال المواسم السابقة وزحمة المباريات وعلى الرغم من أن الآلية الجديدة تم تحديدها بـ 14 جولة، لكن تبرز هنا أهمية المداورة بين اللاعبين (الأساسيين والبدلاء)  والاستشفاء الطبي والتأهيل البدني خلال الأدوار المقبلة من مسابقة دوري الكرة بسبب السفر المستمر والانتقال المرهق بواسطة الحافلات واختلاف نوعية الملاعب وتقارب مواعيد المباريات في ما بينها،  المداورة خلال الجولات المقبلة تمنح المدربين رؤية أخرى وتصورات فنية للوقوف على مستوى البديل وقدرته في تطبيق الواجب الخططي، في المقابل يجب أن يحصل اللاعب المجهد على القسط الكافي من الراحة عن طريق الاستشفاء ليعود إلى جاهزيته المعهودة وعودة العضلات الى وضعها الطبيعي من دون أي جهد او تمرين بعد تخلصها من حمض اللاكتيك الضار وما يصاحبه من تشنجات عن طريق غرف التبريد او الكربون الثلجي او الأساليب القديمة التي تعرف بالحمام البارد مصحوبا بالساونا والجاكوزي وهي مهمة لجميع اللاعبين من أجل التأهيل البدني .
 
شرائح (GPS)
على الرغم من ان الملاعب العراقية تمتلك العديد من الكفاءات الأكاديمية في جانب الجهد البدني واللياقة وان هناك من يستخدم التقنية (الشرائح) ويحاول ان ينهض بواقع لاعبيه لكي يضع مدربي الأندية العراقية في الصورة عبر البيانات الدقيقة، لكن هناك من ينتهج الأساليب الكلاسيكية في عمله ولا يعلم أي شيء عن البرامج الخاصة بتحليل نموذج اللاعبين الحركي بواسطة تقنية (GPS) «شريحة البيانات» التي تعطي إحصائيات رقمية مثالية عن الكفاءة الوظيفية لحظة التطبيق في التدريب، من أجل تحضير الخطة الملائمة لهذه المعطيات، لكن الطامة الكبرى هي ان معظم مدربي اللياقة في الأندية المحلية المشاركة في الدوري يجهلون معدلات المخزون البدني للاعبي الدوري وتبرز تلك المشكلات خلال التجمعات التي تسبق البطولات والاستحقاقات القارية وهذا ما يصعب الموقف الجهاز التدريبي لحظة اتباع نظام اللعب المناسب للاعبين وتكليفهم بواجبات أخرى، لذا نرى ان التعاقد مع الشركات العالمية على غرار كاتابولت وفيلد وايز باتت ضرورة ملحة لانها ستربط أجهزتها المتطورة في الدوري العراقية لمتابعة أرقام اللاعبين والوقوف على بياناتهم بشأن الجانبين الفسيولوجي والبدني لاسيما المحليين منهم إذ لا توجد أي بيانات تراكمية سابقة في أنديتهم تم تسجيلها بواسطة شرائح GPS) ) باستثناء ناد أو ناديين وان تلك الإحصائيات مهمة لتقدير نسبة الشحوم المحيطة بالعضلات و حجم الرئتين وقابليتهما الأوكسجينية لتنمية الكفاءة الوظيفية لأجهزة التنفس والعصبي والعضلي خلال تمارين الشدة ومعدلات نبض القلب ومتوسط المسافات التي يقطعها اللاعب في مباريات الدوري بسبب اختلاف أرضية الملاعب وتفاوت مناهج الإعداد بين الفرق.