بغداد / مهند عبد الوهاب
كشف العضو المراقب في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد سعيد موسى، عن أن الأموال المحكوم "قضائياً" باستردادها من خارج العراق تصل إلى أكثر من 15.6 مليار دولار أميركي، مبينا ان 11 مداناً مطلوباً من بين 182 يمثلون حالياً أمام القضاء بتهم فساد وتهريب الأموال خارج البلاد، في ما دعا إلى حصر ملف استرداد الأموال بوزارتي الخارجية والعدل وهيئة النزاهة منعاً للابتزاز، مؤكداً ان استعادة الأموال المنهوبة تدخل ضمن مبدأ حفظ "السيادة الوطنية".
وقال موسى في حديث خص به "الصباح": إن "هناك قرارا من مجلس الأمن يعزز تسهيل إمكانية الكشف عن الحسابات البنكية السرية في البنوك السويسرية، وإن دائرة الاسترداد في هيئة النزاهة تعمل على الاستفادة من هذا الأمر، والعمل جارٍ كما مخطط له حتى الآن".
وأضاف، "اننا نحتاج الى قرارات قضائية باتة، إضافة الى ضرورة متانة القرارات القضائية"، مبيناً ان "الحصول على الأموال المنهوبة لن يتم بالوقت القريب، ومازال العمل عليها جاريا، وهناك تعديلات قانونية؛ منها تأسيس (صندوق استرداد الأموال) إضافة الى ملف ملاحقة أموال ما قبل 2003 وما بعدها".
إجراءات سريعة
ودعا موسى، "وزارتي العدل والخارجية وهيئة النزاهة والقضاء إلى القيام بإجراءات سريعة لأجل استرداد الأموال المنهوبة، ومن المهم أن نعتمد على قرارات قضايا ذات جودة ومتانة، ونحتاج الى عمل دؤوب من قبل وزارة الخارجية"، مطالباً في الوقت نفسه بـ "حصر ملف الأموال في الخارج بوزارتي الخارجية والعدل وهيئة النزاهة"، مشدداً على ضرورة "عدم تدخل أي لجنة حكومية أخرى في هذا الملف منعاً للابتزاز أو التشكيك، إضافة الى أن الجهات الأخرى ليست لها خبرة في هذا المجال، وهناك أيضاً إجراءات مهمة بعد أن سمح القانون بفسح المجال للاتفاق مع شركات قانونية في الدول من أجل تقليص النفقات مقابل عمولة مقبولة من الأموال المستردة، وفي حال عدم استردادها لن يدفع العراق أي مبلغ لهذه الشركات".
وأكد ان "هناك أموالا منهوبة كبيرة، واستردادها هو احترام لسيادة البلاد، وهو أمر مهم لأنه من معايير سيادة القانون، ويجب أن يعمم في إدارة المال العام"، لافتاً إلى أن "الجهة القطاعية المسؤولة عن استرداد الأموال هي هيئة النزاهة، والعراق عضو وطرف في (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد) التي تتيح له التحرك بشكل سلس، لأن الكثير من الأطراف الدولية تلتزم بالفصل الخامس من الاتفاقية الذي يتعلق باسترداد الأموال المنهوبة، وعلى العراق أن يستثمر الجهد الدولي في هذا الباب".
وأشار العضو المراقب في المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، الى أن "مشاركتنا في المؤتمرات الدولية ركزت على استرداد الأموال المنهوبة، وهو ما دفع الدول المشاركة في تلك المؤتمرات إلى التعبير عن تضامنها ومساعدتها واتفاقها مع العراق ومساعدته على استرداد أمواله المنهوبة"، وبين انه "تم تشكيل فريق لاستراد الأموال مكوّن من ممثلين عن وزارتي الخارجية والمالية والمساءلة والعدالة والنزاهة والشرطة الدولية، وقد تطور الفريق بأن يكون هناك صندوق للاسترداد"، مشيراً الى "إننا نحتاج الى عمل حثيث من أجل استرداد أموال العراق"، لافتاً إلى أن "العراق لديه محكمة خاصة لجرائم الفساد جاءت استجابة من مجلس القضاء الأعلى وهي مختصة بقضايا النزاهة وهي نتاج للجهود المبذولة للمجلس الأعلى لمكافحة الفساد".
حديث الأرقام
وأوضح موسى، أن "الأموال المحكوم باستردادها تبلغ أكثر من 15 مليارا و631 مليون دولار، وإن مديرية استرداد الأموال في هيئة النزاهة قررت التحرك لاسترداد الأموال المحجوزة والبالغة قرابة 4.5 ملايين دولار، أما الأموال المستردة فعلياً فبلغت قرابة 15 مليون دولار، بينما بلغ حجم الأموال المسترجعة من داخل العراق أكثر من 27 مليون دولار"، وأضاف، ان "مطالبات العراق لدى 38 دولة بلغت أكثر من 8 مليارات دولار".
وأشار إلى أن "عدد ملفات الاسترداد بلغت 457 ملفا، وعدد المدانين المطلوبين 182، أما عدد المدانين المستردين فبلغ ستة، بينما كان عدد المدانين الذين جرى القبض عليهم وتحويلهم للقضاء 11، والمدانين الذين تم القبض عليهم وجرى رفض تسليمهم في دول أخرى 25 مدانا".
ملف العلاقات الخارجية
إلى ذلك، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية والنائب عن كتلة الجماعة الاسلامية مثنى محمد أمين لـ "الصباح": إن "استرداد الأموال والآثار ليس من اختصاص لجنة العلاقات النيابية؛ وإنما تعد اللجنة كمساهم في الموضوع"، مبينا انه في "الدورة النيابية السابقة، استضافت اللجنة جميع الجهات المعنية، ومنها وزارتا المالية والخارجية وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والقضاء والاستخبارات الوطنية، وجميع هذه الجهات قدمت تقاريرها ولم نحصل على استرداد للأموال، فقط في موضوع الآثار حصل استرداد لها".
وأضاف، انه "من ضمن المقترحات التي قدمت لاسترداد الأموال، أن تقوم الحكومة العراقية بإعفاء جزء من الأموال لكي يسترد الباقي منها"، مشدداً على ضرورة أن "تعتبر الحكومة استرداد الأموال المنهوبة من أولوياتها، وفي ظل التطورات الحالية في غسيل الأموال ومحاربة تهريب الأموال غير المشروعة التي تقوم بها بعض الدول؛ أصبحت هناك تسهيلات حتى في الدول المعقدة في النظام المالي والبنكي وسرية الحسابات مثل سويسرا في إمكانية الكشف عن أسرار الحسابات البنكية - إذا كانت هناك مطالبات قانونية - اذ كانت في السابق تخص سلطة القضاء السويسري، ولكن الآن بدأ التعامل مع الدول التي تم تهريب أموالها مثل العراق".
وأشار أمين، الى أنه "في الدورة البرلمانية السابقة تابعنا الملف وأصدرنا فيه قانونا وعقدت اجتماعات بين اللجان المعنية، ولكن لم يحدث فيها أي تطور"، داعياً "مجلس الوزراء ووزارة الخارجية والاستخبارات والامن الوطني والقضاء الى أن يشكلوا لجنة دائمة للعمل على هذا الملف".
وتابع: إنه "لا بد من أن يكون هناك قانون خاص بغسيل الأموال، وأن تكون من ضمن فقراته إدراج العديد من التطورات التي حدثت في العالم، وكذلك تضمين وسائل الرقابة المعاصرة على غسيل الأموال"، داعيا "لتشكيل محاكم خاصة لمحاسبة الفاسدين، وقد اقترحنا على رئيس الوزراء المستقيل (عادل عبد المهدي) والمكلف (محمد توفيق علاوي) أن يهتم بهذا الامر وأن يعمل على وضعه ضمن أولوياته، وكما أن هناك محاكم خاصة بالارهاب يجب أن تكون محاكم خاصة بالفساد".