توقيع {لو كنت ريحاً حملتك}
بعيدا عن هموم عمله كرئيس لشبكة الاعلام العراقي، مجاهد ابو الهيل يحضر شاعرا محتفى به بين نخبة من المثقفين والفنانين والاعلاميين في حفل توقيع المجموعة الشعرية الرابعة له والتي حملت عنوان " لوكنت ريحا حملتك" في "كهوة وكتاب" كان ذلك مساء الجمعة الماضي .
ادار الجلسة الشاعر عارف الساعدي مرحبا بالحضور ومتحدثاً :" قبل ايام استضفنا في بغداد الشاعر اللبناني الكبير محمد شمس الدين في اتحاد الادباء، وقبل ان يقرأ قصائده قال: جئت الى بغداد في عام 1974 وما زلت شابا غراً، وفي رأسي شيئان، ان أرى شباك وفيقة وأرى نهر بويب العظيم، فذهبت الى ابي الخصيب واخذوني الى شباك وفيقة فوجدته ثقبا في جدار، اما نهر بويب العظيم فوجدته خيطاً ناشفاً من الماء بين النخيل، فعلمت ان الانهار يحتكرها الشعراء، وان المدن يصنعها الخيال، هذا ما يصنعه بنا شاعر هذه الليلة الذي احسده على شيء ولا احسده على آخر، احسده مرة لانه مهموم في المرأة بالشعر وبذلك هو نزار قباني العراق، ولا احسده لانه ولله الحمد مشغول هذه الايام عن الشعر".
واضاف "تخلص مجاهد ابو الهيل اليوم من عناء الالتزامات لينكب في " كهوة وكتاب" ويقرأ الشعر بيننا، من ذلك المشروع الشعري الذي دائما ما يسير ويتعثر ولكن يبقى همه الاكبر قبل كل شيء، احسب الشاعر ابو الهيل بانه يهتم بعيني المرأة في قصائده اكثر من الصورة الشعرية، ويهتم بشعر حبيبته اكثر من اهتمامه بالتفعيلة والوزن، الحديث طويل عن علاقتي بالشاعر مجاهد وعن صداقتي بشعره ايضا".. وبعدها تحدث الشاعر مجاهد ابو الهيل مرحبا بالجمهور الذي كان بينهم الاساتذة غالب الشابندر ،ابراهيم بحر العلوم و ابراهيم العبادي وآخرون من النخب الثقافية والفنية والمهتمين.. ثم قرأ ورقة على الحضور ابتدأها بعنوان " كرسي الشاعر" .. وجاء فيها: "منذ عام ونص تقريبا وانا اجلس على كرسي آيل للسقوط ويجلس على اقدامه الاربع ،قدمٌ من المؤامرات، وقدمٌ من التحديات، وقدمٌ من البوستات التي تستهدف كل اخضر ،حاولت ان اسقيه لينمو في ربوع وطن آيل للنهوض، وقدمٌ اخيرا أقف عليها ويقف كرسيي المؤقت معي من اجل ان ننهض بمؤسسة تجاذبتها الريح وعصفت بكل امكاناتها. منذ ذلك التاريخ وانا " على قلق كأن الريح تحتي" ربما ورطني الشاعر الذي فيّ بذلك، ليدفعني بوجه الريح ويتنصل عني عند منتصف الطريق، اتلفت يمينا وشمالا فلا اجدني، الا وحدي في غابة من الخشب والحديد ليتوسطها معمل كبير لصناعة الكراسي المؤقتة. احاول ان اعود الى الوراء لاجلس قليلا على كرسي الشاعر- اتأمل في دخان السجائر/ انظر في ساعة الجيب/ لو استطعت لاخرت ساعاتها – كما يقول محمود درويش لكن الشاعر المختبئ تحت قميصي يدفعني الى كرسي الريح الى قضاء المواجهة من جديد."
ورطة الحب والشعر
وبصراحة اكيدة اعترف امامكم ان الشعر ورطة كبيرة مثله مثل الحب تماما، يدفعانك الى الامام فلا تجدهما خلفك ينسلان دون ان تشعر بهما. وها انا الان أعود الى كرسي الشاعر رغما عن انفه متئبطا مجموعتي الشعرية الرابعة التي كتبتها بسرية تامة عن عيون الشاعر وخبأتها قصيدة قصيدة كي لا يكتشفها ويمنعني من العودة اليه. اعانني على ذلك الشاعر، شاعرا كنت ألوذ بقصائده وروحه التي سكنتني منذ ان وطأت اقدامي سماء القصيدة، الشاعر الكبير جدا حسب الشيخ جعفر، مرجع قلبي ومهبط روحي ، وصديقي الذي كنت احلم به، هو الذي دفعني منذ اربعة اعوام لطباعة هذه المجموعة، اخذها مني وكتب لي شهادة كبيرة لن يتهمني احد من متسولي الضمائر – لاحقا- بانها مزورة، لانها لن تحتاج آنذاك لصحة صدور منهم ولا من غيرهم. شهادة الشاعر ككرسيه باقية واكيدة ولا تحتاج الى موافقة رسمية، كلما يحتاجان اليه هو عودة الى الروح، واغتسال في اعماقها. كرسي الشاعر لا يشبه كرسي الحلاق.. كرسي الشاعر يشبه جناح الطائر، ويحلق في كل سماء او ارض.. كرسي الشاعر من ريش وليس من خشب او حديد.. كرسي الشاعر لا يتكئ على اقدامه انما على اوهام الشاعر تحيل العالم الى واحات من حب وتبني سلالم العشاق، بعد عام ونصف من السباحة في اوحال نتنة مليئة بالنتوءات استطعت ان اعود الى كرسي الشاعر، حاملا معي حفنة قصائد وكلمات اتمنى ان تشفع لي امام الشاعر وامامكم وان تكون جواز عودة الى وطن القصيدة. وبعد هذه الكلمة تحدث الشاعر ابو الهيل عن مجموعته " لو كنت ريحا حملتك" وقال :اهديتها الى ابن ابي غالب الشابندر " عمار الشابندر الشهيد الذي سقط مضمخا باتسامته".. وقرأ بعدها على الحضور اول قصيدة في المجموعة اذ كان عنوانها " اعترافات ... في حضرة انثى المصابيح" و من ابياتها:
توهمت ان القصيدة انثى/ فطاردتها/ ليتني لم اكن شاعرا/ اسيرا بقلب اذا ابتل بالدمع طار/ ايوجعك الحب؟ / حين اشم بمحبوبتي عطر غيري/ انا شاعر يغفر اخطاء كل النساء/ فاغفر خطأي/ سامحي القلب/ فهو لا يخطئ في الحب/ لكنه يخطئ الاختيار/ بين حب وآخر كنت احب/ كنت اجرب قلبي/ اعلمه كيف يسرع في النبض..
تلا القصيدة مداخلة للاستاذ غالب الشابندر اذ اشاد بالشاعر المحتفى به وبقدراته الابداعية الكبيرة التي حققها من خلال كتاباته الشعرية التي تناول فيها الانثى كرمز للجمال الحسي، كما تطرق الى مجموعة ابو الهيل السابقة " قاب شفتين او ادنى" اذ ابدى اعجابه بها
ايضاً.
مرآيا عمياء
وعاد ابو الهيل ليتحدث عن عودته الى بغداد بعد عام 2003، اذ قال " عندما عدت الى بغداد متأبطا مجموعتي " مرايا العمياء" ووجدت اسماء مهمة من جيلي مثل الشاعر عارف الساعدي والشاعر حسين القاصد واسماء كثيرة اخرى.. وقال :بصراحة وضعتني هذه الاسماء امام تحد كبير " ثم تذكر اول نص كتبه لبغداد بعد عودته اليها وتلا بعض النصوص الاخرى قبل ان يتحدث الفنان النحات نداء كاظم في مداخلة والتي طرح من خلالها مشروع اختيار اربعة شعراء لتسليط الضوء عليهم، وهم : "حمد الدوخي، عمر السراي، مجاهد ابو الهيل، عارف الساعدي".. للارتقاء بشعرائنا ومثقفينا.. مستذكرا بعض الاسماء من الشعراء الذين نحتوا لهم تماثيل والسياب كان اولهم. اختتمت الجلسة بتوقيع الكتاب واقتنائه من قبل الحضور .