الليبرالية في الوعي الإمبريالي الأمبراطوري

ثقافة 2020/03/02
...

 عن دار جداول صدر كتاب (عودة الى الامبراطورية نشأة الليبرالية الإمبريالية في بريطانيا وفرنسا) لـ جينيفر بيتس بترجمة اثير الوابل . يقع هذا الكتاب في ثمانية فصول ناقشت المؤرخة الاميركية بيتس فيه، وبأسلوب نقدي آراء وأفكار عدد من أبرز المفكرين. يعد هذا الكتاب، تقييما سرديا للفكر السياسي الحديث والعدالة الدولية ومنظورا للنقاشات المستمرة بشأن الإمبراطورية والاستعمار والتدخل والالتزامات السياسية وتحولات الافكار الليبرالية في الوعي الامبريالي الامبراطوري. 
صدر هذا الكتاب العام 2005 عن جامعة برنستون وفاز بجائزة الاختيار الواحد بوصفه واحدا من ألمع العناوين الأكاديمية الاستثنائية ، تبع ذلك أن اختارته رابطة العلوم السياسية الأميركية لجائزة الكتاب الأول العام 2006، وحظي بمراجعات من أبرزهم مؤرخ الأصول الأيديولوجية للإمبراطورية البريطانية ديڤيد ارميتاج وزميلته في هارفارد تشيلري ويلش المعنية بالإمبراطورية الفرنسية التي ارتبط اسمها بتوكفيل، وهو أحد من درستهم مؤلفة الكتاب.
 
تطور الافكار الليبرالية 
تصور جينيفر بيتس في (عودة إلى الإمبراطورية) تحول الأفكار الليبرالية في أوروبا؛ في بريطانيا وفرنسا تحديدا في القرن التاسع عشر، من الموقف المشكك في الإمبراطورية الإمبريالية التوسعية إلى دعمها. نقد آدم سميث وجيرمي بينثام الفكر الإمبراطوري بوصفه ظالما وجائرا بحق الشعوب المغزوة سياسيا واقتصاديًا، إلا أنه ومع منتصف القرن التاسع عشر تحول جل رموز الفكر الليبرالي في بريطانيا وفرنسا إلى مناصرة متحمسة بل ومتعصبة للغزو الأوروبي لشعوب الكوكب وتبريره، يتجلى هذا في جون ستورات ميل، كما في آرائه العنصرية في حالة الاستعمار الهندي وكثير مما كتب، وفي فرنسا يبرز أليكسيس دو توكفيل الذي بارك الغزو الفرنسي للجزائر كونه (تجربة سياسية قد تضفي الثقة والبهجة على الجمهور الفرنسي الضعيف). ترى المؤلفة أن النخب الأوروبية عانت تورما في ثقتها بالتفرد الحضاري وغطرسة تجاه ما هو ليس غرب أوروبي، فشرق أوروبا وبقية الأمم (ليست ناضجة)، وقد تجاوزت تجليتات الفوقية الحضارية اللاتسامح مع ثقافات أخرى، إلى التخوف من خطر الديموقراطية على أوروبا نفسها. عبر توكفيل بصراحة وتأثير عن الخوف من أن نشر الثقافة السياسية والاجتماعية الديموقراطية قد يتسبب في التنازل عن قيم أخرى، من ضمنها وأهمها الحرية التي يؤمن بأنها من السِمات الأرستقراطية ومن الصعب تكرارها تحت حالة المساواة.
 
الامبريالية الامبراطورية 
تنطلق جينيفر بيتس من تعرف لينين للإمبريالية، في كتابه (الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية- 1916) الذي يحدده بخمس صفات هي: تمركز الإنتاج ورأس المال تمركزاً بلغ في تطوره حداً من العلو أدى إلى نشوء الاحتكارات التي تلعب الدور الفاصل في الحياة الاقتصادية. اندماج رأس المال البنكي ورأس المال الصناعي ونشوء الطغمة المالية وتصدير رأس المال، خلافاً لتصدير البضائع،فضلا عن  تشكيل اتحادات رأسماليين احتكارية عالمية لتقتسم العالم إقليمياً بين كبريات الدول الرأسمالية وترى ان التركز والتمركز الهائلين للإنتاج الصناعي، وما رافقهما من تمركز للثروة، قد أنتجا فيضاً بضاعياً وفيضاً في رأس المال. أسهمت أزمات فيض الإنتاج، وبخاصة أزمتا 1873 و1900، بتسريعه وتعزيزه بشكل كبير عبر تصفيتها لقسم كبير من المنتجين الصغار والمتوسطين.
 
تحول الوعي الامبريالي 
جرى تحول في الامبرالية الامبراطورية  إلى شكل أكثر تعقيدا وتركيبا بعد الحرب العالمية الاولى والثانية مع نشوء وتعزيز ميكانيزمات النهب ما بعد التقليدية، أي النهب بصيغته التالية للاحتلال العسكري المباشر ، بعد ان تفككت في تلك الفترة كل من الدولة العثمانية وإمبراطورية النمسا والمجرية  والألمانية. وأعيد توزيع المستعمرات العثمانية والأمبراطورية الألمانية بين الحلفاء.