يحظى موضوع دور المرأة بمعطيات التنمية المستدامة لاستجابة ضرورية لمبادئ التنمية التي أقرّتها الأمم المتحدة إلى العام 2030، بصفته مؤشرا لتنمية الإنسان وتحقيق طموحاته لبناء هوية وطنية، فإشباع الحاجات الأساسية للإنسان هي الهوية بعينها لا سيّما أن العالم يعيش تحولا ثقافيا كبيراً مع عصر الاتصال الالكتروني، فهو يعيش في ما يطلق عليه الموجة الثالثة من الثورة الاتصالية، تلك الموجه المتميزة بالسرعة
والتسارع.
إنّنا نعيش عصرا لم يعد معه الإنسان منعزلا أو بطيء الإيقاع في تحركاته وطموحاته، إنّما هو اليوم ولا سيّما في المجتمعات التقليدية صراعا بين النمط التقليدي والنمط الحداثوي الذي تمثله الأجيال الجديد من دون تردد أو من دون أن يكون له متسع من الوقت للنقاش أو الجدل فالواقع المادي الذي تجسده وسائل الاتصال المتجددة الأجيال باستمرار فرضه واقعا جديدا من التثقف والتواصل مع الثقافات الإنسانية المختلفة وارتباط هذه الأجيال بظاهرة علمية
فرضت نفسها اليوم على الإنسان بالانتقال الى عصر الثقافة الرقمية وعلاقاته مع شبكات الإبداع والمعرفي العالمي بدأ يمثل صياغة توجهات جديدة في التعليم والصحة والخدمات وغيرها، ولم تتوقف الحال عند مشاركة المرأة في المعرفة الرقمية، إنّما نرى أن المرأة دخلت في مجال المشاركة الاقتصادية سواء في مجال التعليم أو الاقتصاد والمشاريع النسوية في المساكن من خياطة وصناعة الطعام الجاهز وغيرها لدعم اقتصاد الأسرة إلّا أن الطريق أمامها لا يزال
طويلا.
خطة الأمم المتحدة لتنمية
دور المرأة العام 2030
تشير الأمم المتحدة أن بعض الدول العربية ومنها العراق قد حقق تقدما ملموسا في سد الفجوة بين الذكور والإناث في مجال التعليم إلّا أنّ الأمم المتحدة أشارت إلى أنّه لا تزال هناك فجوات واضحة في النفوذ والسلطة والوصول الى التحكم في الموارد بين كلا الجنسين.
وقد صنفت المنطقة العربية سنة 2017 على أنّها أبعد ما تكون في تحقيق مساواة في تكافؤ الفرص بين الجنسين، إذ بلغت الفجوة المتبقية بين الذكور والإناث نحو 40 % ما زاد من معدلات الفقر وحالة عدم المساواة ما جعل المرأة تتأثر كثيرا بسبب عدم تحقيق المساواة المطلوبة بين الذكور والإناث، وبناء على الخطة التي وضعتها الأمم المتحدة حتى العام 2030 لتطوير وضع المرأة في العالم، ومنها المرأة العربية، وأشارت خطة الأمم المتحدة الى اشتراك المكتب الإقليمي للأمم المتحدة للمرأة في البلاد العربية مع السلطات الوطنية والإقليمية مع اشتراك منظمات المجتمع المدني وغيرها وقد أقرّت هدفا أساسيا في هذا المجال لتحقيق المساواة بين الذكور والإناث والعمل بتطوير قدرات كلا الجنسين من خلال رفع الوعي بخطة العمل 2030، والعمل على تنفيذ أهداف التنمية المستدامة والعمل على تطوير القدرات المختلفة لكلا الجنسين معرفيا وفنيا واجتماعيا، وتضمن المحور الرابع للمؤتمر الدولي للتنمية البشرية دور المرأة في دعم معطيات التنمية المستدامة في التأكيد على تعزيز دور المرأة في نواح عدة منها إشراك المرأة في ريادة الأعمال، كذلك التأكيد على أهمية الريادة النسائية و سياسات تشجيع العمل النسائي في مجال ريادة الأعمال و تحديات الريادة النسائية وتقديم نماذج مميزة للريادة النسائية.
تحدّيات المرأة العراقية
تواجه المرأة تحديات أمنية واقتصادية وثقافية تعرقل الاستجابة للتنمية المستدامة، وهذا يعود الى جملة من الأسباب أبرزها عدم وجود الاستقرار الناجز في البلاد واستشراء حالة الفساد وعدم وجود تنظيم كاف لوضع المرأة في المجتمع يؤهلها لتكون حاضرة بشكل كبيرة في النشاطات الاقتصادية ولا سيّما في ريادة الإعمال، إلّا أنّ هذا ليس
مطلقا. فقد تمكنت بعض النساء من تولي مشاريع عدة، ولا سيّما في مجال الاستثمار في مجال التعليم كما لها إسهامات في مجال المشاريع الخاصة في نواح مختلفة، وتبقى العوامل الثقافية والاجتماعية عوامل معرقلة لدخول المرأة بشكل واسع في هذا المجال، فهي لا تزال تعاني من عدم المساوة مع الرجل في الدخول الى السوق، أو أنها لم تنل حظا وافرا من النفوذ
والسلطة. كذلك لا يزال وضع البلد الصعب يشكل من النواحي كافة تراجعا ثقافيا، فالمجتمع يعاني من ترد في أوضاعه المختلفة ولهذا فإن التحديات التي قلصت دور المرأة الاقتصادي مرتبطة بشكل أساسي في الأوضاع الاجتماعية والثقافية فتراجع دور المرأة في تطور المرأة بسبب السياسات التي لم تصل الى نقطة جوهرية وهي الاعتراف بدور المرأة الاقتصادي والثقافي.
خطة 2030
توقف ذلك قدرة المرأة من المشاركة في الحياة الاقتصادية وتحقيق قدر من مساواتها مع الرجل على قدرة الدولة من تنفيذه خطة تنموية شاملة في العراق تعمل على إخراج السوق العراقي من الاقتصاد الريعي المعتمد بشكل أساس على النفط ما جعل عملية الإنتاج ومساهمة كلا الجنسين فيه يصطدم بجملة من التحديات منها عدم وجود خطة تنموية متكاملة للنهوض بالإنسان في المجالات المختلفة، بسبب غياب إرادة سياسية وطنية صارمة لتحقيق معدلات سريعة تستجيب للمرحلة التي يمر بها الإنسان العراقي، وهذا مرتبط بأزمات العراق والتحديات التي يتعرض لها في المرحلة الحالية، ما يتطلب ذلك جهودا حكومية وشعبية ضخمة للشروع بإجراء التعداد العام للسكان وحساب الجوانب المادية في المجتمع، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي في تقديم استراتيجيات مختلفة من أجل النهضة إلّا أنّ ذلك لا يزال يصطدم بمعوقات سياسية وأمنية واقتصادية تقف من دون توفر قدرة عاليه لتحقق ذلك، ما يتطلب من الحكومة العراقية بذل جهود وطنية كبيرة للنهوض بالواقع المحلي الذي يعيش أزمات خانقة مثل البطالة وتردي الوضع الصحي والتعليمي، ما يجعل القدرة على تحقيق مستويات مقدرة استجابة الى مبادئ الخطة الأممية حتى سنة 2030، وهو ما يجب أن تضعه الحكومة في اعتبارها في أي توجه تنموي، حتى تتمكن بقدراتها المتاحة من تحقيق تقارب نسبي من تلك الأهداف أو البرامج التي وضعتها الأمم المتحدة والمطلوب تنفيذها من أجل رفع من شأن الإنسان العراقي ذكورا
وإناثا.