فشل الرأسمالية

آراء 2020/03/29
...

حسين علي الحمداني
 
دروسٌ كثيرةٌ يمكننا أن نستخرجها من أزمة الوباء العالمي كورونا، لعل أهمها ما يمكن تسميته بفشل الأنظمة الرأسمالية في الحد من انتشار الفيروس بين شعوبها أو الإسراع بإيجاد العلاج المناسب له، والسبب في ذلك ان أغلب المؤسسات في هذه الدول خاضعة للقطاع الخاص، الذي بكل تأكيد ينظر للوباء على أنه ظرف مناسب لتحقيق المزيد من المكاسب، وبالتالي ليس من واجبه القضاء عليه بالسرعة الممكنة،  بقدر ما ان مهمته الرئيسة استثماره بالشكل الرأسمالي، ونظر للوباء على أنه حرب بين عدة دول وعليه استثمار ذلك في توريد الأسلحة لكل الأطراف.
خريطة انتشار الفيروس في دول أوروبا والولايات المتحدة كانت كبيرة جدا ولم تتم السيطرة عليه، رغم ما توصف عالميا بأنها دول متقدمة صحيا ونظامها الصحي لا مثيل له في دول أخرى، ففي إيطاليا هناك أكثر من ستة آلاف حالة وفاة وعشرات، إن لم تكن مئات الألوف من المصابين، في الوقت نفسه وجدنا أن بلدانا أخرى أقل كفاءة وبنى تحتية أقل قدرة تمكنت من الحد من انتشاره بطريقة نالت الإعجاب وتقدير منظمة الصحة العالمية التي عليها أن تعيد النظر في نظيرات الصحة في دول العالم، لأن الاختبار الحقيقي هذه المرة يكشف ما يمكن تسميته» عورات الرأسمالية» التي لم تصمد أمام تفشي هذه الوباء، لأنها ببساطة كانت تنظر لحسابات الربح والخسارة من دون التفكير بأرواح الناس وتأثير ذلك في شعوبها، التي وجدت نفسها عارية تماما أمام الوباء العالمي رغم التقدم التكنولوجي الكبير الموجود لديها.
الرأسمالية لم توقف التجمعات البشرية كمباريات كرة القدم والمهرجانات رغم إن الوباء بدأ من الصين وبدأ ينتشر لدول عدة، ظلت أوروبا وأميركا برأسماليتها لا تعير أهمية لهذا وكأنها محصنة من هذا الوباء ولم تعر أهمية له لدرجة إن الكثير من دولها وشركاتها ظلت تتعامل بشكل طبيعي من دون اكتراث لما قد يحصل، فكانت النتيجة ما حصل في إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية.
بينما وجدنا الكثير من دول العالم الثالث وفي مقدمتها الكثير من الدول الآسيوية والأفريقية اتخذت إجراءات صحية سلمية من أجل تخفيف الخسائر قدر الإمكان وحماية شعوبها، نحن في العراق ورغم الإمكانيات المحدودة يمكن القول إننا نجحنا في تقليل الخسائر والحد من انتشار الفيروس، بالرغم  من وجود حالات عدم التزام هنا وهناك من قبل بعض المواطنين، إلا إن هذا بحد ذاته كان تحت السيطرة.
وتمكنت خلية الأزمة برئاسة وزير الصحة من أن تكون حكومة صحية بكل معنى الكلمة وكانت توصياتها ملزمة للجميع وهذه الحالة تجعلنا نقول إن وضعنا الصحي أفضل بكثير من أوضاع دول متقدمة جدا فشلت حتى اللحظة في ليس في إيقاف الفيروس فقط بل في منع انتشاره.
من هنا يمكننا القول إن المواطن في أي دولة من دول العالم يحتاج الى الدولة ومؤسساتها الصحية والتعليمية وغيرها أكثر من حاجتها لمؤسسات القطاع الخاص وهذا ما يجعلنا نطالب أن تبقى صحة الإنسان بيد الدولة وحدها.