خلايا الأزمة

الثانية والثالثة 2020/04/14
...

رئيس التحرير
مواجهة الأزمات خيارٌ اخلاقي ووطني وشرعي، وموقف يرتبط بوعي أسباب تلك المواجهة، مثلما هي ضرورة للحدّ من مضّار المكاره الصحية والبيئية، وبالطريقة التي تجعل مأسسة العمل ممارسةً تدخل في سياق السيطرة على الأزمات، وفي توظيف الامكانات والطاقات لصالح نجاح البرامج والمشاريع الوطنية.
التهديد الوبائي لجائحة فيروس “ كورونا” واحد من أكثر المواجهات خطورة، إذ يستدعي وعيا فاعلا بالمسؤوليات، وتخطيطا علميا لتنظيم فعل تلك المواجهة، ولإيجاد السبل والطرائق الكفيلة بتحويلها الى قوة برامجية واجتماعية واقتصادية، وحتى أمنية، فأثر هذه الجائحة لا يقل خطورة عن أيِّ تهديد يطول بنية المجتمع، وأمنه الوطني ومصالحه الاقتصادية.
تجربة العراق في صياغة عقد المواجهة الوطنية تعكس اهتمام الدولة الواسع بخطورة هذا الوباء، على مستوى البنية الصحية، أو البنية الأمنية والاقتصادية، ووجود خليتين حكومية وبرلمانية يؤشّر خصوصية هذه التجربة من جانب، مثلما يؤشر الاستجابة السريعة لحاجة العمل المؤسسي، والوعي به من جانب آخر، إذ يشكّل التنسيق بينهما، على مستوى الوظائف والمسؤوليات والمتابعات أفقا واقعيا واجرائيا لشمولية المواجهة الوطنية، فما تقوم به خلية الأزمة الحكومية من جهدٍ كبير ومن تخطيط وتمكين يضع البرنامج الوطني للمواجهة في سياق تعبئة الامكانات الصحية المادية واللوجستية والاعلامية، وفي سياق تأطير برامج المؤسسات لصالح الهدف الأكبر في الوقاية من الوباء، وفي السيطرة على تداعياته الصحية والاجتماعية والوقائية، وأحسب أنّ قرار حظر التجوال كان جوهر هذه المواجهة، فهو اجراء وقائي وصياني ووطني، كان له الأثر الكبير في حماية المجتمع من استشراء العدوى، وفي الحدّ من مخاطر الوباء الصحية والاجتماعية، وما تقوم به خلية الأزمة البرلمانية يعكس الاهتمام الكبير للسلطة التشريعة بإيجاد الاطار القانوني والبرامجي الداعم لعمل خلية الأزمة الحكومية ولعمل المؤسسات الوطنية، عبر تأمين مستلزماتها المادية والمالية واللوجستية، وبما يجعل تكامل العمل بينها تجربة رائدة في مجال التعبئة الوطنية، وفي مجالي التخطيط العلمي، والتنظيم المؤسسي خدمةً متيّسرة لأبناء شعبنا، وتكريسا لتواصل عمل المؤسسات الصحية والأمنية والإعلامية، وتنمية لخبراتها في مواجهة تحديات المكاره الصحية والبيئية.
إن تفاعل خلايا الأزمة يرتبط بشكل وثيق مع  الجهود الاستثنائية لـ” خلية الأزمة الاعلامية” والتي وجدت في اطار تفاعل الخلية الحكومية، والخلية البرلمانية اسنادا كبيرا لبرامجها، ولكي تكون عنصرا فاعلا في التواصل، وفي نشر الوعي الصحي الوقائي والبيئي، وفي  دعم  مؤسساتنا  الصحية والإعلامية والعاملين فيها، سعيا الى اهداف البناء الوطني، والبناء المؤسسي، والترصين العلمي.