تأليف : بن لوري ترجمة : عبد الصاحب محمد البطيحي
لي صديق يرسم صور الغوريلات وهي تركب الدراجات ، تجلس على الكراسي ، تمتطي الخيول ، تصعد في الطائرات ، وكذلك على الطائرات الورقية .
اسأله : لماذا تعتلي الغوريلا ، على الدوام، شيئاً ما ؟
لا يجيب عن التساؤل ، انما يتجاهل الامر تماماً ويبتعد ببصره عني .
في يوم ما ، وجدت نفسي اقف في استوديو يعود له ، لم يكن موجوداً فيه آنذاك . اخذت احدق في احدى رسوماته ... يا للمفاجأة ! لقد عرفت هويته .
رأيتني اسأل زوجتي وانا عائد الى البيت في تلك الليلة : أكنت تعلمين بانه يكرر رسم غوريلا بعينه ؟
تقول الزوجة : مَن ؟ اه ، بالطبع ، اعرف . لماذا تعتقد بان هناك اكثر من غوريلا ؟
اظن انني لم اكن افكر في الامر من قبل . فقد كنت دائماً افكر بانها مجرد رسومات لعدد من الغوريلات ، غير انني الان لا استطيع الكف عن التفكير فيها . تلك الرسومات الغريبة لصاحبي الرسام .
اخيراً عزمت على أن اسأله عن جلية الامر .
قلت : هذه الغوريلات تشبهك .
قال : تشبهني؟
ثم استدار ونظر اليها متأملاً .
قال بعد ذاك : اظن انها كذلك .
توقف عن الكلام ، في الحقيقة لم تكن له رغبة في الحديث عن الموضوع .
بعد بضعة ايام رحت ازوره لكنني لم اجد له اثراً . بحثت عنه في كل ناحية داخل المنزل ،و في المناطق خلفه وحول الحديقة . بعدئذٍ سألت عنه الناس في الجوار .
قالوا : لم نره منذ ايامٍ .
لكن احدهم قال : اخر مرةٍ رأيته فيها كان يتسلق تلك الشجرة .
وقفت لفترة وجيزة انظر اليها ، كانت شجرة عالية ، لكنها ليست بالقدر الذي يمنعني من ان اراه في حالة كونه هناك . وجدت ان لا شيء هناك سوى غيمة عابرة .
بعد شهور قليلة عُرضت ممتلكاته للبيع .
قال صاحب المُلك : عليه ديون كثيرة .
اخذ الناس الكراسي والمناضد والمصابيح والكتب . اما انا فقد اشتريت كل رسم كان لديه ،وهي الان معلقة على الجدار جنباً الى جنب . اقف متطلعاً نحوها – والغريب في الامر هو انها، للمرة الثانية، تبدو مختلفة عن بعضها.
سألت زوجتي :ألم تكن هذه الرسوم هي مجموعة الغوريلا ؟
تنظر زوجتي نحوي ثم تبعد النظر . تهز كتفيها قليلاً ، تتجه نحو مدرجات السلم .اقف ، اراها تبتعد وهي في حالة مختلفة على نحو ما، تسحب اطراف اصابعها بلطف على الابسطة .