الغوريلا

ثقافة 2020/04/24
...

تأليف : بن لوري  ترجمة : عبد الصاحب محمد البطيحي 
 
لي صديق يرسم صور الغوريلات وهي تركب الدراجات ، تجلس على الكراسي ، تمتطي الخيول ، تصعد في الطائرات ، وكذلك على الطائرات الورقية . 
اسأله : لماذا تعتلي الغوريلا ، على الدوام، شيئاً ما ؟
لا يجيب  عن التساؤل ، انما يتجاهل الامر تماماً ويبتعد ببصره عني . 
 
في يوم ما ، وجدت نفسي اقف في استوديو يعود له  ، لم يكن موجوداً فيه آنذاك . اخذت احدق في احدى رسوماته ... يا للمفاجأة ! لقد عرفت هويته . 
 
رأيتني اسأل زوجتي وانا عائد الى البيت في  تلك الليلة  : أكنت تعلمين بانه يكرر رسم غوريلا  بعينه ؟ 
تقول الزوجة : مَن ؟ اه ، بالطبع ، اعرف . لماذا تعتقد بان هناك اكثر من غوريلا  ؟
اظن انني لم اكن افكر في الامر من قبل . فقد كنت دائماً افكر بانها مجرد رسومات لعدد من الغوريلات  ، غير انني الان لا استطيع الكف عن التفكير فيها .  تلك الرسومات الغريبة لصاحبي الرسام . 
 
اخيراً عزمت على أن اسأله عن جلية الامر . 
قلت : هذه الغوريلات تشبهك . 
قال : تشبهني؟ 
ثم استدار ونظر اليها متأملاً . 
قال بعد ذاك : اظن انها كذلك . 
توقف عن الكلام ، في الحقيقة لم تكن له رغبة في الحديث عن الموضوع . 
بعد بضعة ايام رحت ازوره لكنني لم اجد له اثراً . بحثت عنه في كل ناحية داخل المنزل ،و في المناطق خلفه وحول الحديقة . بعدئذٍ سألت عنه الناس في الجوار . 
قالوا : لم نره منذ ايامٍ . 
لكن احدهم قال : اخر مرةٍ رأيته فيها كان يتسلق تلك الشجرة . 
وقفت لفترة وجيزة انظر اليها ، كانت شجرة عالية ، لكنها ليست بالقدر الذي يمنعني من ان اراه في حالة كونه هناك . وجدت ان لا شيء هناك سوى غيمة عابرة .
بعد شهور قليلة عُرضت ممتلكاته للبيع .
قال صاحب المُلك : عليه ديون كثيرة . 
اخذ الناس الكراسي والمناضد والمصابيح والكتب . اما انا فقد اشتريت كل رسم كان لديه ،وهي الان معلقة على الجدار جنباً الى جنب . اقف متطلعاً نحوها – والغريب في الامر هو انها، للمرة الثانية، تبدو مختلفة عن بعضها. 
سألت زوجتي :ألم تكن هذه الرسوم هي مجموعة الغوريلا ؟ 
تنظر زوجتي نحوي ثم تبعد النظر .  تهز كتفيها قليلاً ، تتجه نحو مدرجات السلم .اقف ، اراها تبتعد وهي في حالة مختلفة  على نحو ما، تسحب اطراف اصابعها  بلطف على الابسطة .