الأطفال والحصار الحياتي

آراء 2020/05/03
...

د. سلام حربه
 

منذ العام 2003 والشعب العراقي يعيش أزمة أصلها سياسي وسببها تسلط البعض من الأحزاب السياسية التي لا يهمها حاضر العراق ومستقبله وعمدت الى تخريبه وسرقة أموال شعبه، هي تعرف أن الثقافة أس بناء المجتمعات والطريق لحياة حرة كريمة ينعم الجميع فيها بالعدالة الاجتماعية والحرية وهي مع الثقافة على النقيض.. إن أزمة الثقافة يعاني منها كل أفراد المجتمع العراقي وبالذات الأطفال فهذه الشريحة الطويلة والعريضة تعاني من الاهمال وليس لديها اية حقوق تذكر والدليل على ذلك تفشي ظاهرة التسرّب من المدارس حتى أن هناك سبعة ملايين أمي في العراق حسب احصائية وزارة التعليم يشكل الأطفال منهم نسبة كبيرة، ان ما حصل بعد الاحتلال الاميركي انعكس بشكل كبير عليهم فهم منسيون من قبل الحكومات المتعاقبة ويمارس الملايين منهم اشغالا لا تتناسب مع طفولتهم وقدراتهم الجسدية وتعرضهم للامراض والاوبئة وصيدا سهلا هذه الايام لجائحة كورونا، أجبرتهم ظروفهم القاهرة على ممارسة المستحيل بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في البلد وتحمل الاطفال مسؤولية الكثير من الأسر او بسبب فقدان ذويهم بسبب الارهاب وحروبه الدموية في البلد من تفجيرات وتفخيخ واغتيالات والجرائم الداعشية المستمرة حتى يومنا هذا وتجنيدها للاطفال لتنفيذ العمليات الارهابية وحشو رؤوسهم بالأفكار المتطرفة التي تدعو الى العنف والكراهية والقتل.. ان الاطفال الذين هم شباب المستقبل لم يلتفت احد اليهم وخصوصا وسائل الاعلام والمؤسسات المختصة بالطفل، كما ان نظم التعليم بدائية ومتخلفة وحاول الطائفيون اللصوص الهيمنة على عقول الاطفال وتفخيخها بالافكار التي تدعو الى اقصاء الآخرين وتكريس المذهبية وإشاعة الأوهام والخرافات ومحاربة المنطق العلمي، وهذا ما نراه في تراجع الوعي الاجتماعي وإحلال السلوكيات القبيحة التي غزت شوارعنا ومدارسنا وبات المجتمع يحصد ثمار التخلف والسلوكيات المنحرفة الشائنة.. من يريد ان يبني مجتمعا عليه أن يبدأ بالطفل ويجب توفير بيئة صحية له والنهوض بالتعليم الحديث والانفتاح على التقنيات وثقافات العالم، وان تتواجد المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التي من واجبها الحفاظ على الطفولة ومنع انزلاقها في متاهات الضياع والتوحد .. في السابق كان هناك البعض من الحقوق للطفل، لا يرتقي الى الطموح، واعلام موجه له من اجل صياغة شخصيته في المجالات كافة وهناك نشاطات اجتماعية وعلمية يشارك بها الاطفال من اجل تنمية مواهبهم، اما اليوم فإن الطفل كائن منسي لا احد يسأل عنه لا مؤسسات الدولة ولا اعلامها ولا منظمات المجتمع المدني عدا صوت هنا وصوت هناك، ولكن هذه الاصوات خجولة ومقصية وغير مسموعة.. إنّها كارثة حلت بالبلد لكن الاطفال، طيور الجنة، دفعوا ثمنا قاسيا لها من واقع مخرب زائف ومن مستقبل مجهول.. نسيان الطفل يعني نسيان الوطن، اليوم الاطفال والعراق الاثنان في مهب الريح يحتاجان الى من ينبتهما ويرعاهما من جديد على الارض...