أونغ "يتفلسف "برأسنا

آراء 2020/05/03
...

حمزة مصطفى
 
باستثناء صديقه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فإن صحة الزعيم الكوري الشمالي كيم جون أونغ شغلت العالم للأسابيع الثلاثة الماضية.  لا أحد يعرف لماذا وضع ترمب في بطنه  "بطيخة صيفي" وهو يرد على أنباء اختفاء أونغ قائلا:  "أشعر بالإطمئنان بشأن صحته". لانريد الذهاب الى نظرية المؤامرة في تفسير غياب أونغ وما جرته من تكهنات بدأت من العاصمة الكورية الشمالية "بيونغ يانغ" الى جارتها الجنوبية سيئول  الى باقي العواصم بمن  في ذلك واشنطن.  فكل شيء متوقع من شخصية من طراز يونغ. فعلى الرغم من العزلة الذاتية الخانقة لكوريا والحصار الشديد الوطأة عليها من قبل أميركا وتصنيفها من قبل الولايات المتحدة بوصفها ضمن دور "محور الشر" إذا تتذكرون مع العراق قبل أن يصبح صديقا حميما للأميركان وإيران، فإنّ أونغ دخل النادي النووي واضطر ترمب الى عقد ثلاث قمم معه في غضون سنتين.
اونغ وبرغم محاولات الترهيب والترغيب لم ينزل من بغلة النووي. ربما يكون تنازل عن تهديد العالم بالويل والثبور مالم يرضخ لتحولاته العجيبة وتصرفاته الغريبة. وفيما بدا أن العالم بات مستعدا للتعايش مع واحد مستجد في التعامل مع القنبلة النووية فإنّ هذا العالم فوجئ بما يفوق خياله بما هو أخطر من هذا المستجد على بروتوكول نادي الكبار. 
المفاجأة الأثقل وزنا من القنبلة النووية جاءت من مقاطعة ووهان الصينية على شكل فيروس مستجد هو الآخر يمثل السلاسة التاسعة عشرة من أسرة الإنفلونزا العريقة والشهيرة، بدءا من تلك التي زارت عمنا المتنبي فصلخنا بقصيدة عصماء  "وزائرتي كأنَّ بها حياءً"، - لا أعرف لو كان أبا محسّد أصيب بـالسارس ماذا كان قد كتب -  الى فيروس كورونا الذي اختطف 7 مليارات إنسان على وجه الكوكب عدا كوريا الشمالية البالغ نفوسها 51 مليونا بقيت عصية عليه بأوامر مباشرة من الزعيم المحبوب ذي الوجه البشوش. 
  منظمة الصحة العالمية من جهتها  "داخت"  في أمر كورونا وأونغ معا.  هل صحيح لاتوجد إصابات؟ هل صحيح إن كل مصاب كوري شمالي مصيره الإعدام.  وبينما استمرت التكهنات بشأن ذلك حتى اختفى أونغ فجأة، فبدأت التكهنات بين إمكانية إيجاد علاج أو لقاح لكورونا أو ماهو مصير أونغ.  هل مات أم قتل أم يعالج من كورونا سرا؟ العالم كله شرقا وغربا بقي على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية يضرب أخماسا بأسداس بشأن تفسير لغز هذا الاختفاء الغامض.
 وعلى الرغم من شراسة كورونا ومواصلته حصد ضحاياه في كل أنحاء العالم فإنّ اختفاء أونغ بقي خبرا مهما هو الآخر ينافس أخبار المرض الفتاك.  وفيما بدأت أوساط عديدة باستثناء ترمب ترجح فرضية موته، فإنّ التكهنات ذهبت الى ماهو أبعد من  ذلك وهي قضية خلافته.  فمن بوسعه أن يخلف  "مجنون رسمي" أتعس من رامز جلال لقيادة دولة مكروهة  "وجابت سلسلة قنابل نووية"؟ المشكلة أن المرشح الوحيد لخلافته هي أخته المعقدة نفسيا وهو ماجعل العالم يفكر في مصيبة أخرى لاتقل خطورة عن كورونا لاسيما إذا ماتحكمت هذه السيدة بالزر النووي.  الحمد لله أن أونغ الذي تفلسف برأسنا بغياب طوعي لأسابيع قطع الشك باليقين حين ظهر وهو يقص  شريط افتتاح أحد معامل الإسمنت في بلاده.  كان أونغ يضحك وكأن شيئا لم يكن.  لكن على ماذا كان يضحك.. " علينا، على كورونا، على ترمب، مدري على الحظ الأغبر".