حظر اعلامي

آراء 2020/05/04
...

نجاح العلي
بلا شك ان رمضان هو شهر المنافسة الاعلامية بين القنوات الفضائية، فتعمد وسائل الاعلام بالدفع بافضل برامجها ومسلسلاتها خلال الشهر الفضيل وترصد ميزانيات ضخمة وتحاول استمالة اعلاميين وفنانين مشهورين للظهور في قنواتها، وقد يلجأ بعضها الى اعتماد اساليب الكوميديا الهابطة والرخيصة التي تخلو من القيم الفنية والاخلاقية واحتوائها على حوارات هابطة تعتمد على الاسفاف والتهريج بما لايتوافق وذائقة المجتمع واخلاقياته او على الاقل مع اخلاقيات المهنة التي تستوجب في ابسط مطالبها الارتفاع من ذائقة المتلقي، لان الاعلام مسؤولية وهذه المسؤولية تحتم على القائمين عليه مراجعة وتقييم الاعمال التلفزيونية قبل عرضها، وحسنا فعلت نقابة الاعلاميين في مصر باصدارها قرارا بمنع ظهور رامز جلال في اي وسيلة اعلامية داخل مصر، تبعه تقديم المجلس القومي للمرأة في مصر شكوى الى المجلس الاعلى لتنظيم الاعلام ضد برنامجي (رامز مجنون رسمي) و(خلي بالك من فيفي) بسبب اهانة الضيوف والتنمر عليهم بصورة فجة والاساءة الى الضيفات والتقليل من شأنهن والسخرية من مرضى الصرع والاستهزاء باصحاب البشرة السمراء بما يتنافى وقيم حقوق الانسان.
اما الاعلام العراقي فاغلب اعماله الفنية وبخاصة البرامج والمسلسلات الكوميدية فانها تحمل بين طياتها مضامين سياسية وتسقيط بحكم ان مموليها والقائمين عليها لهم اجندات خاصة بهم وهي تعمل على هذا المنوال والنهج نفسه طيلة السنوات السابقة من خلال تقديمها اعمال كوميدية ذات مضامين هابطة ومفردات نابية يرددها الاطفال بسذاجة لانها تعرض في اوقات يكون جميع  الاسرة  متسمرين امام الشاشة خصوصا وان شهر رمضان تزامن مع فرض حظر التجوال الذي يزيد نسبة مشاهدة التلفزيون وهنا تكمن الخطورة بالمشاهدة القسرية لما يعرض لهم ، ما تقدمه هذه الفضائيات يتسم بالجودة الفنية من ناحية الاخراج والانتاج واستخدام التقنيات الحديثة واستقطاب الفنانين والرياضيين والمشاهير الذين ينجذب لظهورهم المتلقين وهو امر معروف وبديهي في
كل المجتمعات. مع الاسف لم تستطع وسائل الاعلام العراقية المهنية والموضوعية من انتاج برامج ومسلسلات كوميدية رصينة لاستمالة المشاهدين خاصة وان الاقبال على البرامج يرتبط بالحالة النفسية لان المتلقي في اوقات الحروب والازمات يلجأ الى الكوميديا والفكاهة للترويح عن نفسه، فما الذي يمنع من انتاج اعمال كوميدية هادفة لاتخدش الحياء بثيمة وحبكة فنية وحوارات راقية قد تنتقد بعض الحالات والممارسات الاجتماعية والسياسية الخاطئة وتعرضها باسلوب فني ترفع من ذائقة المشاهد وتدفعه لمتابعتها والتفاعل معها ليتحقق هدف المتعة والفائدة في الوقت نفسه، ان غياب اعمال رصينة كهذه دفع المشاهد مرغما ان يتابع اعمالاً هابطة، واصبحنا نترحم على اعمال كوميدية محفورة في الذاكرة مثل مسلسل (تحت موسى الحلاق) رغم بساطة الانتاج وضعف الامكانات الفنية لكن ثيمة العمل الاساسية في حينها هو التشجيع على الالتحاق بصفوف محو الامية واحتوائه على حوارات بسيطة ومكتنزة اداها ببراعة وتلقائية فنانون كبار وما زلنا نتفاعل معها.ان فرض حظر اعلامي على اعلاميين غير مهنيين وبرامج سيئة لايتنافى مع حرية الاعلام بل ينسجم مع المسؤولية الاجتماعية التي تستوجب حماية المجتمع والطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة وعدم التقليل من شأنهم او الاساءة اليهم واحترام جميع
 المكونات والاقليات .