حذار من صحوة داعش

آراء 2020/05/04
...

د. سعد العبيدي
يلاحظ المراقبون ان عصابات داعش الارهابية  قد نهضت أخيراً من بين ركام العدم ونفذت بعض العمليات الإرهابية غيلة، كبدت بتنفيذها مقاتلين في وضع الحراسة والدفاع، بعض الخسائر في الأرواح. ان النظر الى هذا النهوض من المنظار النفسي يتبين ان داعش قد تعرضت الى خسائر كبيرة من قبل القوات العراقية في السنين الأخيرة، وقد فقد أغلب قادتها من الصف الأول، بضمنهم خليفتها البغدادي، وخسائر بهذا القدر أصابتها بالصدمة النفسية التي أفقدت تنظيمها القدرة على الاستمرار بنفس النهج السابق، عمليات إرهابية شبه مستمرة، وتهديد قوي لأمن العراق، والصدمة منطقياً وتبعاً لشدتها وظروف حصولها لها في الغالب أمد للاستفاقة، ويبدو أن هذا الأمد قد حل في هذا الوقت، ساعدت على حلوله ظروف الوباء المنتشر لجائحة الكورونا، وحال استفاقتها استهدفت بعض نقاط للحشد هنا وأخرى هناك الى الشرطة الاتحادية، باغتتها وتمكنت من الوصول اليها وتنفيذ عملها الاجرامي، وبصددها يمكن القول أن على القيادات العسكرية والحشد أن تتنبه الى حقيقة الصدمة والى إمكانية الاستفاقة منها أي أن لا يكون أداؤها أو تهاون بعض منتسبيها عاملا مساعداً لتكوين ظروف الاستفاقة، بل وعلى العكس من هذا يفترض أن يعملوا هم من جانبهم ظروف تشديد تحول دون حصول الاستفاقة، إذ أن الصدمة وكلما طال أمدها سيضعف التنظيم حد العجز عن التنفيذ الفاعل للعمليات
الإرهابية.
أما النظر الى النهوض من المنظار العسكري، فهو الأكثر تعقيداً وإن كان الاختلاف بينهما قليلاً إذ أن الخسارة التي خسرتها داعش في الجبهتين العراقية والسورية، لم تنه التنظيم بشكل كامل، وقد استمر تواجده في الصحراء، واختفى البعض من الارهابيين داخل المدن، كونوا خلايا نائمة، وهذا وحده عامل يفترض أن يدفع القيادات العسكرية لإبقاء اليقظة من داعش على اشدها مع إدامة زخم الضغط العسكري والاستخباري عليها بغية عدم إعطائها المجال للاستقرار في أي مكان من العراق يسمح لها بإعادة
التنظيم. ويبدو من سير العمليات الأخيرة أن هذا لم يحصل بشكل كاف الأمر الذي جعل يقظة التنظيم الإرهابي واقعاً مكنه من تنفيذ بعض العمليات الإرهابية غيلة. 
ومع هذه اليقظة وعلى الرغم من تنفيذ داعش لعمليات إرهابية مؤسفة، لكنها في الواقع لم تحقق التأثير الكافي لثلم المعنويات أو إيجاد الخوف التجنبي لدى المقاتلين، والفرصة ما زالت موجودة لإعادة الحسابات وتحقيق قدر من اليقظة والحذر تكفي لترصين وتقوية الدفاعات مع وجوب عدم الاطمئنان لأداء الحراسة ليلاً في الدفاعات طويلة الأمد، ووجوب قيام الضباط بمتابعة منتسبيهم أثناء تنفيذ الواجبات ومحاسبة المقصرين، لان الاسترخاء أكثر الامراض انتشاراً وتأثيراً على المدافعين في مواضعهم ونقاطهم، وبعكسه سيسمحون الى عدوتهم داعش بالتمادي أكثر وأكثر حتى تهدد مقراتهم وتكون عندها قد استعادت المبادأة وهذا ما لا يجب أن يكون بأي حال من الأحوال.