ساطع راجي
رغم إن 15 وزيراً فقط هم من صوت عليهم البرلمان إلا إن حكومة الكاظمي كاملة الصلاحيات ورئيسها يتمتع اليوم بمساحة مناورة وحراك أكبر بكثير في اشغال بقية تشكيلته، هو اليوم رئيس وزراء وليس مجرد مكلف بتشكيل حكومة وبالنتيجة بين يديه ما يمنحه قوة تفاوض أعلى لاختيار بقية الوزراء بما ينسجم مع طموحاته وخطته لإدارة الدولة، لو أراد هو ذلك وقبل تحقيق طموحاته وخطته يمكنه استخدام المتبقي من تشكيلته لفرض تهدئة سياسية ومد جسور تفاهم مع الفئات الغاضبة من النظام السياسي وبالاخص قوى الاحتجاج المستقلة.
مؤشرات كثيرة تؤكد صعوبة وربما استحالة الذهاب الى انتخابات مبكرة ولن نحتاج هنا الى ادراج قائمة المعرقلات لكن نكتفي بالتذكير إن اجراء انتخابات مبكرة سيعتمد في كل الاحوال على قرارات برلمانية ومن غير المتوقع ان تفضل فئة كبيرة من النواب انهاء وجودها والذهاب الى معركة انتخابية بكلفة مالية عالية وفي اجواء شعبية معادية لها، وسيفعل معظم النواب كل شيء لمنع انهاء دورتهم بسرعة أو بالاحرى انهم سيجمدون هذا المسار عبر التغيب عن الجلسات التي يضم جدول اعمالها خطوات باتجاه الانتخابات المبكرة.
الشارع لا يريد الانتخابات لذاتها بل بوصفها وسيلة لإحداث التغيير في الاداء السياسي وهو ما يمكن فعله جزئياً بتكليف وزراء مقربين من الشارع المحتج او قادرين على التواصل معه لتحقيق مطالبه وليس لرشوته سياسياً ، وزراء يكون انشغالهم الاصلي هو تحريك اداء مجلس الوزراء ليعمل بحماس أكبر نحو دفع مشاريع قوانين اصلاحية للاداء السياسي ومحاربة الفساد وايقاف هدر المال العام وتعزيز سلطة الدولة وابعاد العراق عن المواجهات الدولية، وزراء لا ينشغلون بالملفات اليومية لوزاراتهم التي بالتأكيد لن تحقق طفرة في الاداء نظرا لقصر عمر الحكومة وعدم وجود التمويل الكافي حتى لسد الضرورات التشغيلية اليومية.
من غير المتوقع ان يحظى اي مرشح لتولي وزارة ما بتأييد جميع المحتجين او القوى المنظمة للاحتجاج فهؤلاء طيف واسع وربما بينهم تنافس وتحاسد كما في كل فعل سياسي ولذلك يجب القبول بالحد المعقول من التأييد وفي حال الرفض الحاد يمكن لرئيس الوزراء الذهاب الى شخصيات اصلاحية قوية حتى لو لم تكن لها علاقة مباشرة بالمحتجين فالهدف ليس تمثيل المتظاهرين في الحكومة بل الدفع الى اصلاحات جوهرية في الاداء وهو ما يعني ان الخطوات الاستثنائية لرئيس الوزراء ستحتاج الى دعم داخل المجلس من أعضاء منسجمين مع توجهه.
الزعامات السياسية التقليدية في العراق لا تريد غالباً ان ينجح اي رئيس وزراء حتى لا يتحول الى منافس انتخابي وشعبي لها بالاضافة الى انها تعيش عقدا نفسية تجاه من يشغل منصبا رسميا بينما هي خارج ميدان القرار الحقيقي ولذلك تريد ابقاء يدها مطلقة في الدولة بأي طريقة كانت وهو ما يعني ان الفشل سيلاحق اي حكومة بدرجة مؤذية جدا للمواطنين ومحاولة التعايش او الرضوخ لهذا الوضع ثبت انها لن تؤدي إلا الى مزيد من الغضب الشعبي وتهديد الاستقرار والسلم العام ولكي ينجح اي رئيس وزراء في منع التدهور عليه تشكيل كتلة داعمة تجمع النواب الغاضبين والمتفرقين ولو بصورة غير معلنة ويعززهم بوزراء موالين له لا لزعماء آخرين، والوزارات الخالية في مثل هذا الظرف تتيح لأي رئيس وزراء فرصة استثنائية لتعزيز قوته بطرح مبادرات استثنائية في ادارة الدولة لو أراد هو ذلك.