زهير الجبوري
تمرّ علينا في هذه الايام قرارات جديدة في حياتنا ، ربما هذه القرارات ستأخذ منعطفاً كبيراً في ظل الاحداث الاخيرة والمضطربة سواء في الوضع السياسي ، او في الوضع الصحي الذي اصاب العالم بأجمعه ، قد يسأل البعض ، لماذا هي قرارات وليست تحولات ، سنجد ثوابت لها ..؟ .. الجواب من وجهة نظر خاصة ينطوي على نقيض في غاية الحدية ، النقيض متمثل في صوت الشارع العراقي من ابناء الشعب ، وصوت السلطة المتمثل بالقرار والتنفيذ لما يريده ، ولم تكن المراحل التي مرّت بها الحكومة من تكليف واعتذار لشخصيات عراقية في تشكيل الحكومة ، سوى صراع ديالكتيكي واضح ، وكأننا امام تحالفات غير معنية بالوطنية بقدر ما اخذت هذه التحالفات تكشف اوراقها بصورة مباشرة وغير مباشرة من أجل تحقيق وجودها ، وهي في الوقت ذاته مادة دسمة لبرامج اعلامية في القنوات الفضائية او الاذاعية او غير ذلك ، يناظر هذه الاحداث ، الاعتراف المعلن من اصحاب القرار بان العملية السياسية في السنوات الماضية فشلت فشلاً ذريعاً في ادارة دفة الحكم ، وهو الوجه الآخر لهيجان الشارع العراقي في جميع محافظاته ، وحتى من ابنائه الذين يعيشون خارج حدوده، وهذا ما جاءت به المرحلة الراهنة في ايجاد البديل المناسب لانقاذ ما يمكن انقاذه ، مع استدراك الموقف من قبل الحكومة المنتخبة صيف 2018 واعلان البديل بغية الانقاذ ، وهذا أمر يحسب لهم ، وقد تكون مرحلة مفصلية حساسة اذا ما جاءت النتائج عكس ما نصبوا اليه ..
محنة كورونا والحجر الصحي ربما أجلا انفعالات الناس او بالاحرى قللا من حدّة الانفعال ، ولكن ان تتحول الامور الى محنة ثالثة ، فانها تزيد من الأمور تعقيداً اضافياً ، اذ ان تأخير (رواتب الموظفين والمتقاعدين) يكشف عن الوجه الحقيقي لتراكم الأزمات في دولة لم تخطط لهكذا حالات رغم وجود العديد من العقول القادرة على انقاذ الموقف ، ترى ما هذا الابتلاء ..؟ّ!
تشكيل الدولة في ظل الضجيج العالمي المأزوم وفي كشف الاوراق وصراحة الارقام المعلنة والمهدورة من ثروات البلد ، يحتاج الى وعي كبير في قبولها ، لأن الغاية الاساسية من الموضوعة ذاتها لا تنحصر على تعيين من يكون المسؤول في هذا المكان او ذاك ، انما حساسية القضية تنطوي على من ينقذ هذا المكان او ذاك ، فالدولة باقية مهما كانت عوامل الفساد الاداري .. استوقفت جاري القادم من (قارة استراليا) قبل مدة وهو يحمل الجنسية الاسترالية ، قلت له انت منذ عقدين ونصف عشت لاجئاً في هذا البلد الكبير مساحة ونفوسا وتقدما عمرانيا وصناعيا ، ما الذي جاء بك الى العراق ثانية وكيف وجدت هذه القارة ، اجابني باختصار ان حبه لأرضه (الأم) هو سبب المجيء ، ثم اردف (كافي غربة) ، اما عن سبب نهوض بلد كبير بحجم قارة ، هو القانون الصارم الذي يخضع له الجميع مهما كانت مكانتهم في الدولة ، وضرب لي امثالاً كثيرة عاشها وشاهد تفاصيلها .. فالمثال الذي يعرفه الجميع والقوانين التي يطبقها الجميع في اغلب بلدان العالم ممن لديها الكثير من الخيرات ، لا نجدها في ارضنا وواقعنا العراقي ، واذا كانت هناك تشخيصات دقيقة ومعروفة فلماذا المد والجزر ..؟ .. اجزم بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة مصير ، والمصير هو من يحدد هوية الشعب ، لا اقول هوية البلد ، فالبلد عنوانه كبير وسيبقى ، اما الشعب فهو من يطبق البرنامج الحكومي الذي يوضع له ، ولأن الشعب العراقي حيّ فقد ادرك مصيره وانتفض من اجل استعادة وجوده بين الشعوب الاخرى ، والملفت للنظر ان وسائل الاعلام في العراق ظلت لسنوات عديدة تثير مشكلات الدولة والحيف الذي حصل على جهة من جهة اخرى ، وهي سابقة خطيرة من وجهة نظري ، لأن اسرار الدولة لا يمكن ان تظهر بالشكل العلني الذي شاهدناه ، لذا فإن الحياة الجديدة التي ستظهر بثوب جديد نريدها بمواصفات الانسان العصري وبعقلية المعاصرة والمواكبة مع تطورات العصر مثلما حصل لبعض الدول العربية المجاورة ..