ثقة الشعب

آراء 2020/05/15
...

محمد صادق جراد 
ان نجاح السيد الكاظمي في تمرير كابينته يعد نقطة ايجابية تحسب له الا إنها لم تكن أبداً خطوة الى الأمام لأننا مازلنا في مربع التوافق السياسي ومازال الحديث عن حجم وحق المكون والحزب والقومية والطائفة  .ويرى البعض ان السيد رئيس الوزراء كان مضطراً للتفاوض مع الأحزاب والقوى السياسية من اجل ان تمرر الحكومة . ولكننا نتساءل عن ما سيحدث في المستقبل . فهل سيبقى السيد الكاظمي تحت ضغط التوافق السياسي وحصص الأحزاب والمكونات ؟ ام ان حكومته ستكون مستقلة وتنجح في مهمتها بعيداً عن الضغوطات الحزبية والقومية والمذهبية ؟ 
لا نبالغ اذا قلنا ان السيد الكاظمي أصبح ينال ثقة الشارع العراقي شيئاً فشيئاً عبر عدد من القرارات التي اتخذها في رد اعتبار السيد عبد الوهاب الساعدي وتعيينه رئيساً لقوات مكافحة الإرهاب وإطلاق سراح المعتقلين من المشاركين في التظاهرات ومتابعة قضية المتقاعدين وقرارات أخرى وجد المواطن العراقي فيها بارقة أمل . الا إننا اذا أردنا ان نكون واقعيين فعلينا الاعتراف بان هذه القرارات قد لا تكون بمستوى القرارات التي يطمح اليها المتظاهر في إصلاح العملية السياسية ومعالجة أخطاء التأسيس ومكافحة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وفي أروقة المؤسسة التشريعية والتنفيذية جراء المحاصصة الحزبية وتقاسم المناصب واستغلال الوجود في السلطة . 
السيد الكاظمي اليوم مطالب بالإصلاح السياسي وصولا  الى الانتعاش في الجانب الاقتصادي الذي يطالب به الشعب والمتظاهرون في ظل الإبقاء على مفاهيم غريبة على الديمقراطية الأصيلة ونقصد هنا " الديمقراطية التوافقية , حكومة الشراكة , حكومة الوحدة الوطنية " لأنها ترجمة للمحاصصة المقيتة التي كانت تقف وراء تعطيل البناء الديمقراطي في العراق .ولقد أثبتت الأحداث التي يمر بها العراق اليوم ان الحكومات السابقة كانت منشغلة بتقسيم المكاسب والمنافع ولم تنجح في رسم ستراتيجية اقتصادية وطنية ناجحة بل كانت ومازالت تقوم فقط بإدارة عملية بيع النفط وتحويله الى رواتب للموظفين والمتقاعدين وعندما تنخفض أسعار النفط تصبح هذه الرواتب مهددة بالقطع والتأخير في ظل غياب اي موارد مالية أخرى للبلاد لنكون أمام فشل كبير في الملف الاقتصادي وإهمال واضح لجوانب اقتصادية مهمة كالزراعة والصناعة والسياحة .كما غابت المشاريع الاستثمارية وتم إهمال القطاع الخاص ومن هنا تحول العراق الى مجرد سوق لتصريف بضاعة الدول الإقليمية . وإذا أراد السيد الكاظمي ان يقوم بالإصلاح الحقيقي سيجد نفسه مضطرا للتصادم مع رموز الفساد في العمل السياسي والمستفيدة من تدمير الاقتصاد العراقي وهو الاختبار الحقيقي لرئيس الوزراء الذي يقف أمام فرصة تاريخية ليسجل اسمه كمصلح لن ينساه الشعب العراقي في حال نجاحه في مكافحة الفساد وإصلاح أخطاء التجربة الديمقراطية وكل هذا يحتاج الى إرادة حقيقية ووقت طويل وبرنامج حقيقي وطني يضع مصلحة العراق أولا .