شمخي جبر
تأتي الذكرى السنوية لتأسيس جريدة “الصباح” في ظرف سياسي واقتصادي وصحي لم يمر به العالم، فضلا عن العراق، ففي ظل جائحة كورونا والازمة الاقتصادية التي يمر بها نتيجة لتوقف الحياة وتطبيق مبدأ التباعد الاجتماعي، لكن مع هذا واجهت “الصباح” ومعها شبكة الاعلام العراقي بتحد وهمة عاليتين من قبل الزملاء العاملين فيها لتستمر رغم الحظر لانها مؤسسة دولة ومؤسسة شعب فهي حاملة مشروع التغيير منذ انطلاقها ...حاملة المشروع الثقافي والسياسي لما بعد 2003 والذي شكل قطيعة لما قبله، وقد قدمت “الصباح” العشرات من الشهداء على طريق الاستقلالية وحمل مشروع التغيير الديمقطراطي وتعرضت للعديد من التفجيرات الارهابية.
وكا يرى باتريك ويلسون، مؤلف حلقات المسلسل التلفزيوني “الكفاح من أجل الديمقراطية”: “ان الديمقراطية هي الاتصال، حديث الناس مع بعضهم البعض عن مشكلاتهم المشتركة، وقبل أن يستطيع الناس حكم أنفسهم، ينبغي أن يكونوا أحرارا في التعبير عن
آرائهم.
لهذا تلعب وسائل الإعلام دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام بسبب تأثيرها في المتلقي, لهذا تعد احد أركان البناء المؤسساتي لأي دولة وهي الداعم والمدافع والمبشر ببرامج التحول السياسي والاقتصادي والثقافي. ولا يمكن أن تكون هناك تغييرات جدية في الواقع المجتمعي مهما كان نوع هذه التغييرات من دون إعلام يعمل على زرع التوجهات وغرس الاتجاهات والقيم والدعوة للجديد القادم وحمل مشروع التغيير.
عمليات التغيير الاجتماعي والسياسي:عادة ما تكون بحاجة لإعلامها الخاص الذي يدفع عنها ويؤسس لثقافتها ويواكب العمل السياسي بالتقويم تارة وبالنقد تارة أخرى.
ولوسائل الإعلام بكل أشكالها، سمعية وبصرية ومقروءة دور كبير في التأثير على الرأي العام وتشكيل توجهاته واتجاهاته أو تعبئته باتجاه أهداف أو قضايا معينة, فتصبح وسائل الإعلام أداة مهمة في عمليات التغيير بكل
مفاصله .
وفي جميع الدول ومهما كان تطور أو تخلف هذه الدولة أو تلك ..(متخلفة ,نامية ,أو متقدمة)..ولان الإنسان في اغلب الأحيان, يفكر ويتأثر ويسلك سلوكا يتناسب مع مؤثرات بيئته التي تشكل إطاره المرجعي الذي يحكم من خلاله على الأحداث المحيطة به وتشكل موقفه وتوقعاته
لهذا تستخدم وسائل الإعلام كأداة للتأثير وتغيير الاتجاهات لدى الفئات المستهدفة (الرأي العام) وخلق توجهات واتجاهات, وبالتالي خلق سلوك مطلوب يقع ضمن أهداف الحملة الإعلامية المطلوبة والمجتمع المستهدف بهذه الحملة.
تعد وسائل الإعلام من مؤسسات الضبط الاجتماعي المهمة في أي مجتمع, اذ تعمل على التوجيه وغرس القيم والممارسات الاجتماعية الجديدة وتتحول إلى تغيرات في المفاهيم والسلوك الفردي والمجتمعي من اجل إحداث تغيرات حضارية في طريقة التفكير والعمل
والحياة.
وبالحديث عن جريدة “الصباح” فاننا يمكن ان نقول انها وسيلة اعلام المجتمع بجميع مكوناته والتي تهدف الى ايجاد صيغة جديدة وواضحة في صناعة رأي عام عراقي واحد، خارج تأثير القنوات الاعلامية التي تحمل خطابا طائفيا او عرقيا معينا .
من هنا كانت صعوبة مهمة وسيلة الاعلام التي تسعى الى توحيد الرأي وصياغة توجهاته نحو الوحدة المجتمعية الواحدة في الراي والتوجه، وهي تواجه العازفين على أوتار الفرقة
والتشرذم .
مع كل هذا استطاعت شبكة الاعلام العراقي ومنها “الصباح” بوصفها قنوات اعلامية معبرة عن صوت المجتمع وارادته ان تسهم في حمل مشروع وخطاب التغيير وتلعب دورا واضحا في اشاعة قيم الديمقراطية والمجتمع المدني وحقوق الانسان، وتواجه خطابات التطرف والتشرذم التي تسعى الى زرع الفرقة بين مكونات المجتمع
العراقي.