تحدٍ بحظرٍ شديد

آراء 2020/05/16
...

قاسم موزان
 
في كل عام في مثل هذا اليوم تحتفل صحيفتنا الصباح بذكرى تأسيسها الاغر ، هذ التاسيس الذي جاء على ثوابت وطنية  ووفق  ضوابط مهنية لايرقي الشك في مبدئيتها ووقوفها على مسافة واحدة من جميع  الاطراف السياسية والاجتماعية بحيادية تامة من دون الاخلال بصدق توجهاتها واسلوب تعاملها مع الاحداث العاصفة التي شهدها العراق بعد التغيير في العام 2003 ولم تورط الصباح نفسها بجدلية الصراعات  التي افرزها الزلزال النيساني الذي خلط الاوراق مع بعضها لتمزيق النسيج المجتمعي بنوايا لم تعد خافية على احد وحثت في خطابها الاعلامي الى تهدئة الشارع العراقي والدعوة الصادقة  الى وحدة الصف ونزع فتيل الخلافات الطائفية او العرقية لتفويت الفرصة على اصحاب الاجندات الخارجية للتدخل في الشأن العراقي بعد حقبة مريرة من التسلط والظلم والسعي الى افشال التجربة الديموقراطية الوليدة  التي تشهدها البلاد لاول مرة بعد زوال تلك الحقبة الاستبدادية ، ورغم التحديات وتصاعد العمليات الارهابية بحق العراق ومواطنيه وتستمر  “الصباح” بانتهاج خطاب وطني يحارب كل اشكال العنف والتصفية والحاق الضرر بحياة المواطن ، وازاء ذلك الموقف الشجاح تعرضت “الصباح” مرتين لتفجيرات ارهابية لكن تلك الاعمال الاجرامية  لم تثنها من مواصلة واجبها في ترسيخ اسس الديمقراطية لتكون اللبنة الاولى لعراق جديد خال من الديكتاتوية والتهميش  والغاء الاخر ..
وكان لـ”الصباح” شرف المساهمة  في ملاحم تحرير الارض العراقية من دنس عصابات داعش الاجرامية  والوقوف الى جانب القوات الامنية والحشد الشعبي في المعارك الضروس التي خاضتها  ببسالة وشجاعة منقطعة النظير من خلال التغطيات الصحفية لصولات الابطال وتوثيق انتصاراتهم المذهلة والتعامل الانساني مع مواطني المناطق المغتصبة .
 اليوم توقد صحيفة “الصباح” شمعتها السنوية الأنيقة بصمت و في أجواء استثائية وبحظر شديد ، ولم يعد في وسعنا اقامة الاحتفالية المعتادة في رحاب الصحيفة وتبادل التهاني وسرد الذكريات الجميلة لزملاء العمل خصوصا الذين شهدوا البدايات الاولى لاشراقة “الصباح”  وكذلك  ليس  في  مقدورنا استقبال المهنئين بسبب التباعد الاجتماعي  الذي فرضته جائحة كورونا على كوكب الارض وتعطلت اسباب الحياة اليومية وتوقفت  المؤسسات وادخلت الرعب والخوف في قلوب الناس ولزموا  بيوتهم اضطرارا من تفشي الفيروس ، ومنتسبو صحيفة “الصباح” خضعوا لاجراءات  الحظر الصحي، بعد ايام  من بدء الحظر اتخذت رئاسة التحرير قرارا متفردا  وبتشجيع  من شبكة الاعلام العراقي باصدار الكتروني للصحيفة وانتخى لهذه المهمة الزملاء كل حسب اختصاصه لتخرج الصحيفة في اليوم التالي في أيدي القراء وطيلة ايام الاسبوع واطلق رئيس التحرير لقب “الفريق الذهبي “ على مجموعة العمل المتفاني ، ونجحت التجربة بامتياز ولاقت التجربة استحسان شخصيات في الخارج واخرى في الداخل واثنوا عليها بوصفها تجربة انفردت بها “الصباح” في ظروف طارئة، وبعد فترة  من التجربة الفريدة تقرر العمل على اصدار ورقي بنسخ محدود الى جانب الاصدار الالكتروني الناجح لتبقى “الصباح” شعلة من التألق المهني.