القاتل يتجول في محل سكناي

الصفحة الاخيرة 2020/05/20
...

زيد الحلّي
 
لستُ متشائماً، لكني خائف حد الرعب، لا سيما بعد إعلان الحجر على عدة مناطق في بغداد، منها محل سكناي في "العامرية" في وقت كان يعدها الجميع على أنها، منطقة "راقية" وهي فعلاً بهذا الوصف سكاناً وبناءً، لكنَّ "كورونا" لا تعترف بهذا الوصف، فهي تبحث عما يخرج عن طاعتها ولا يعير أهمية للإرشادات الطبية حول الفيروس اللعين التي توضحها وزارة الصحة، فالبعض من الأسر يضربون عرض الحائط تلك الإرشادات، بل إنَّ فيهم من يستهزئ بالمرض اللعين، وهناك من يصف الحالة على أنها (مؤامرة) من الدول الكبرى ناسين أنَّ جل الذين حصدهم الفيروس هم من تلك الدول!.
حين أرى ما تنقله عدسات التلفزيون في مختلف القنوات وما تنشره الصحف من صور لحالة اللامبالاة والتجمعات والتلاصق البشري في الطرقات وتزاحم الشراء في الأسواق الكبيرة، أتضرع الى الله طالباً مغفرته من هذه التصرفات غير المسؤولة لشعب عُرف بتاريخه وعراقة حضارته.
منذ أسبوع وأرقام الإصابات بـ "كورونا" بارتفاع في العراق، وهي أرقام خطيرة بين الذين خضعوا للفحص فقط، وليس لجميع المواطنين. وحين يعلن مدير أحد المستشفيات أنَّ مستشفاه وصل الى حالة الامتلاء بالمصابين ولا توجد قدرة استيعابيَّة لاستقبال مرضى آخرين، فهذا يعني أنَّ الأمور باتت سيئة، وتتطلب إجراءات صارمة، فحياة المواطنين أهم من أية ضرورات أخرى.
وحسناً فعل وزير الصحة حسن التميمي حين حذر من ارتفاع أعداد الإصابات، مؤكداً أنَّ "القوات الأمنية والفرق الصحيَّة ستتخذ إجراءات صارمة ضد الأنشطة التجارية المزدحمة التي لا تلتزم بتوصيات الوقاية".
أعزائي القراء، اخوتي في الوطن: لا تكثروا من الأسئلة داخل أنفسكم مثل: (ما هذا "الفيروس" الذي يتحدث عنه الجميع؟ ما هذا الكائن المثير للانتباه والذي يُمثِّل نقطة فاصلة بين الحياة والموت، لماذا ينتشر بيننا بهذه السرعة؟ ما أنواعه؟ ولماذا هو خطير إلى هذه الدرجة؟ ولماذا لا نجد له علاجاً؟ ولماذا أخاف عالم الفيروسات الشهير جورج كلاين البشرية بقوله إنَّ "أغبى الفيروسات يفوق ذكاؤه أذكى عالم فيروسات"؟ ) لماذا.. ولماذا!
اتركوا أسئلتكم رغم كونكم محقين بطرحها، فالأمر الآن هو الوقاية، قبل أنْ يقع الفأس على الرأس.. اتركوا التجول، فالفيروس يعرف المكان الذي تتجولون فيه.. لا أريد إخافتكم، لكنَّ علماء الأمراض يؤكدون أنَّ البقاء في البيوت هو الحل الوحيد لمخادعة الفيروس "خليك بالبيت" هو شعار المرحلة، مع الرجاء أنْ تعيشوا فرحاً متخيلاً، رغم أنَّ شعورنا بالفرح بوجود جائحة كورونا أصبح شحيحاً، وسط عالم ينفض الأفراح، لكن ينبغي علينا بكل إصرار استحضاره وإخراجه من تحت عباءة الأحزان، فحضوره هو الأقوى..
إنَّ الدعوة للفرح بوجود الوباء اللعين ليست دعوة أفلاطونية المعنى، وإنما هي تعبير عن منهج حياة متعدد الجوانب، ففي قناعتي إنَّ القدرة على الفرح لدى الإنسان تعكس القدرة ذاتها على الخروج من الأزمات وإدارة تجاوزها.. فلنفرح في بيوتنا ونأمل من فضائياتنا أنْ تسعدنا ببرامج وأفلام تسر القلب وتسعد العين!.