حسين الذكر
حينما يعم الرخاء والاستقرار في بلد ما تعزف جماهيره عن التنافس لبلوغ سدة الحكم .. فما دامت سبل الحياة مشرعة لِمَ الغوص في دهاليز السياسة غير المحببة .. حتى ان مشهد العزوف عن المشاركة الانتخابية – مع كونها أداة تعبيرية عن نوع الحكم والحكم على آلياته وادائه – نراه يتكرر في البلدان المتحضرة التي يعيش مواطنوها بحرية وامان ورفاهية لا داع فيها لتعكير مزاجهم بما يسمى الحملات التنافسية المحمومة .. وقد ظهر احد المواطنين الغربيين وهو يسوق شاحنته حينما سأله مراسل صحفي عن رأيه بالانتخابات الرئاسية ولمن يعطي صوته .. ضحك ثم اخرج زجاجة شرب منها ثم بخ من رذاذها على المراسل .. في صورة معبرة عن مدى اريحية المواطن وتبختره في نعيم الأجواء التي يعيشها بعيداً عن شحن وزخم وربما استقتال التنافس الانتخابي ..
تلك صورة ليست وردية ولا من خيال الفكر الإبداعي .. بل هي من صميم واقع تعيشه بعض المجتمعات بمعزل عن صراعاتها السياسية .. على العكس من شعوبنا العربية، لاسيما الشعب العراقي الذي جعلوه في ذروة الصراع واستخدموه كاداة لبلوغ سدة حكمهم الذي كان ضحيته الدائمة وما زالوا يتاجرون بمعاناتنا لتحقيق مآربهم الخاصة التي لم يجن منها غير التخلف والخوف والخمود في متهات ودهاليز اقبية ظلام سياسي لم نر منه سوى شعارات ترفع ونفوس واحلام تقمع في كل دورة وتوزير ..
مع بداية عهد حكوماتنا الديمقراطية المتعاقبة ، نقدم كصحفيين وكتاب رأي اقتراحات تعبر عن معاناتنا الشعبية نصيغها بصورة متجددة نخفق -بكل اسف – بايصالها الى اسماع المسؤول الأول او تحيل الظروف الى فشل المسؤول بتحقيق ولو جزء منها على امل ان تكمل الباقي الحكومات المتعاقبة .. هنا تكمن علة معاناتنا العراقية والعربية حيث نعيش الاستبداد والفساد ونقدم التضحيات الجسام ونذرف الدموع ونعلن الحداد .. لتنتهي حقبة دموية تستبدل بالعناوين والأساليب والمسميات .. لكن النتيجة تبقى واحدة
نحن الشعب لا سيما الفقراء منه .. لا يهمنا الانتخابات ولا الدستور ولا العلاقات الخارجية او المؤسسات الحكومية فقد مللنا الحديث عنها منذ قرون .. فتلك من واجبات واختصاص السياسة.. بالتأكيد لها مقتضيات داخلية واجندات وعلاقات خارجية لا بديل عنها .. لذا نبحث عن ابسط حقوق العيش بكرامة وامان ورخاء .. غير ذلك من صراع واستقتال سياسي لا يعنينا .. ونعتقد ان هذه ابسط مقومات النجاح لحكومة السيد الكاظمي التي ننتظرها بشغف وتتلخص بثلاث نقاط أساسية ان تحققت لا نفكر بغيرها في الأقل بالوقت الراهن .. بعدها ندع السياسيين للتفاهم والتحاصص والتقاسم والتقاتل في ما نرغب بالحصول ( أولا راتب بسيط من عوائد النفط بمقدار مئتي دولار شهرياً لكل عراقي – تكفي هنا جنسيته – لنيله الاستحقاق شريطة ان لا يكون لديه راتب اخر .. ثانيا قطعة ارض سكنية لكل اسرة لا تمتلك مكانا للسكن ولم تستلم سابقا من قبل .. ثالثا اصلاح منظومة الكهرباء بشكل تام ونهائي لانها سبب معاناتنا .. اذ لم نر الخير منذ قصفتها قوات التحالف الغربي الظالمة تحت عنوان تحرير الكويت وها نحن منذ ثلاثين عاماً ندفع ثمن عقوبات لسنا مسؤولين عنها ) ..