التغيُّر في المشاركة السياسيَّة والتمثيل السياسيّ

آراء 2020/05/22
...

 د. محمدحسين الرفاعي
 
1
تأتي الأزمة في مفهوم المشاركة السياسيَّة، اِنطلاقاً من الأزمة في مفهوم التمثيل السياسي، وممارستهما. وتقوم هذي الأزمة، من جهةٍ أخرى، على التغيُّر السياسي، في السلطة ومصادر الشرعية (مجتمعيَّاً)- والمشروعية (في النص القانوني) فيها. ولكن، بأيَّةِ معانٍ يمكن أن يقوم التَّساؤل عن المشاركة السياسيَّة، وفي أي ضرب من ضروب فهمها نكون أمام أزمة مجتمعيَّة داخلها؟ 
2
تقوم المشاركة السياسية على الفعل السياسي. كما يقوم هذا الأخيرُ على الفعاليَّة السياسيَّة، وأنماط الوجود التي تُمكِّنُ منه هذي الأخيرة. وفي معنىً آخر، تقوم المشاركة السياسية على معنى المصادر المجتمعيَّة التي من شأن شرعيَّتِها، ومشروعيَّتها. ولكن المصادر المجتمعيَّة هذي إنَّما هي في علاقة تحديد دائمة مع بِنيَة السياسة. فمن جهة تُحدِّد هذي المصار الفعل السياسي داخل بِنيَة السياسة، كما من جهةٍ أخرى يُعيد الفعلُ السياسيُّ تحديد هذي المصادر اِنطلاقاً من الحركة في الواقع المجتمعيّ الكُلِّيّ (بِنيَة الثقافة- وبِنيَة الاِقتصاد- وبِنيَة السياسة).
3
تتضمَّنُ المصادر المجتمعيَّة التي من شأن شرعية ومشروعية المشاركة السياسية، على أقل تقدير، الآتي: 
- التُّراث المجتمعيُّ بعامَّةٍ، والاِستناد إلى الماضي المجتمعيّ، ذلك منه المُعترف به، والسائد والشائع، بخاصَّةٍ.
- [العالَميَّة] ومستوى الاِنفتاح على النماذج والأشكال العالَميَّة للمشاركة السياسية، وأدواتها. 
- الأزمة المجتمعيَّة التي تؤدي إلى الثورة المجتمعيَّة. تُصبِح الثورة المجتمعيَّة مصدراً لشرعية، ومشروعية المشاركة السياسية، حينما تستطيع زحزحة المعادلات المجتمعيَّة التي من شأن السلطة السياسية. ولا تقف هذي االزحزحة عند مستوى الصراع على السلطة، بل تصعد إلى مستوى إعادة تحديد الشروط المجتمعيَّة- والتاريخيَّة لممارستها. 
 ولكن، كيف تعيد الأزمة في المشاركة السياسية تحديد بِنيَة السياسة، وكيف، وبالاِنطلاق مماذا تعيد بِنيَة السياسة تحديد المشاركة السياسية؟ 
متى أخذنا الأزمة في المشاركة السياسية من جذرها تكون المعادلة المجتمعيَّة فيها على النحو الآتي: اِختزال التمثيل المجتمعيّ في [جزء- من- [المجتمعيِّ]]. وهكذا، نكون مباشرةً أمام أزمة مجتمعيَّة في بِنى المجتمعيَّة الأساسيَّة
 الثلاث: 
- أزمة المشاركة السياسية في بِنيَة الثقافة: تتضمَّنُ معنى الأزمة في مصادر الثقافة المجتمعيَّة التي تؤدي إلى الفعل السياسي. وهي تذهب، على سبيل المثال، إلى مستوى الأزمة في فهم الدِّين، والمؤسسة الدينية. 
- أزمة المشاركة السياسية في بِنيَة الاِقتصاد: تتضمَّنُ معنى الأزمة في مصادر الاِقتصاد، وحركة الإنتاج- التبادل- التوزيع فيه. وهي تذهب، على سبيل المثال، إلى مستوى الأزمة في السياسات الاِقتصادية للحكومة- السلطة.
- أزمة المشاركة السياسية في بِنيَة السياسة: تتضمَّنُ معنى الأزمة في المصادر السياسية- القانونية- والدستورية، وعمليات اِنتقال السلطة فيها. وهي لا تتوقف، على سبيل المثال، عند مستوى ممارسة السلطة، ومصادر شرعيتها- ومشروعيتها، بل تذهب إلى مستوى إحداث أزمة داخل المصادر هذي على نحوين إثنين: 
- أزمة داخل بِنيَة السلطة: والمجتمعيَّات السياسية. 
- أزمة خارج بينة السلطة: ومحاولات بناء مجتمعيَّات تقوم على مصادر مشروعيَّة- وشرعية مختلفة عمَّا قامت عليها المجتمعيَّات السابقة. 
بَيْدَ أنَّ ، علينا أن نتوقف عند مستوى معنى التمثيل المجتمعيّ الكُلِّيّ، قَبلَ الذِّهاب إلى مستوى معنى المشروعيَّة- والشرعية الذي يقوم عليها الفعل السياسي. يتضمَّنُ التمثيل المجتمعيّ الكُلِّيّ، في بينة السلطة معاني هي الآتية:
- المعنى الأول يرتبط بمستوى شعور الذَّوات الفاعلة مجتمعيَّاً بأنَّها تفعل داخل حقل السلطة. 
- المعنى الثَّاني يتعلَّق بمستوى العلاقات المجتمعيَّة التي منها تنطلق الأفعال السياسية. معنى العلاقات، والأهداف منها، والأساليب لبلوغ الأهداف فيها. 
- المعنى الثَّالث يرتبط بماتريكس Matrix السلطة، شبكة علاقة العلاقات. أي مفهوم الآيديولوجيا التي تقوم عليها السلطة في تكون تحديداً أن مجتمعيَّاً لجملة الأفعال التي تنطلق من الذَّوات الفاعلة مجتمعيَّاً.