الطيور على {أشكالنا} تقع

آراء 2020/06/01
...

الطيور على {أشكالنا} تقع
لم تعد الطيور على أشكالها تقع. فمنذ أن طلع لنا الخفاش الصيني "صفح" باتت الحياة مع الطيور على الأرض محل نظر. بالإمكان التعايش بالنسبة لنا نحن البشر مع الأسود بمن في ذلك الأسد الهزيل الذي وضعوه في إحدى ساحات مدينة النجف, أو الثعابين أو الفيلة أو التماسيح أو الحمير أو الكلاب خصوصاً السائبة منها. لكنَّ الطيور لا. كل الطيور غيرتْ مساراتها، بدءاً من الطيور الطايرة التي تغنى بها سعدون جابر أو طير الحباري لحميد منصور أو طيور عباس بن الأحنف الذي تمنى أنْ يتبرع أحدها بإعارة جناحه لكي يطير لمن يهوى في مقاربة فنطازية لا تصلح الإ مع أحلام الشعراء الذين تخلى عنهم حتى الغاوون.
وصلت الطيور الى أعشاشها سالمة، بينما بقي بيت عباس بن الأحنف يردده العشاق الخائبون:
أسِرْبَ القَطا هَل من مُعيرٍ جَناحَهُلعلّي إلى من قَد هَوِيتُ أطيرُ
محلقاً في فضاء اللغة باحثاً عن ناقد يحل الحالة النفسيَّة لشاعرنا الرومانسي الذي لو كان أدرك مواقع التواصل الاجتماعي لما اشترى أجنحة الطيور بفلسين. 
مشكلتنا مع الطيور لم تبدأ اليوم بل قبل سنين ربما تكون طويلة لكنها في الأقل بدأت من سنوات مع تفشي إنلفونزا الطيور التي تطورت الآن الى أكبر جائحة منذ قرون وهي جائحة كورونا. وبرغم أنَّ الجدل الحالي بشأن مصدر الوباء أو أسبابه بين الولايات المتحدة الأميركية والصين بات يأخذ بعداً سياسياً ربما يتطور الى "حرب باردة" بينهما لكنْ كل الدراسات تشير الى أنَّ المتسبب الرئيس بهذا الوباء هو الخفاش الذي هو من سلسلة طيور برية يتناولها الصينيون كجزءٍ من طعامهم القومي.
وبالمقارنة مع جائحة شبيهة بكورنا تلك هي الانفلونزا الإسبانية التي حصلت نهاية العقد الأول من القرن العشرين وتسببت بمقتل نحو 50 مليون إنسان وهو ضعف ما قتل خلال الحرب العظمى الأولى, وبرغم أنه لم يثبت أنها بسبب فإنَّ سرعة انتشار كورونا تجعل منها الأخطر في حال لم يتمكن العالم من إيجاد علاج لها.
اشتغال نظريات المؤامرة بشأن أسباب ومسببات الوباء الحالي وبرغم أنَّ جزءاً منها لا يخلو من الدقة فإنه في مقابل ذلك لا يعفي الطيور من المسؤوليَّة.
ليس هذا فقط فإنه طبقاً لآخر تحذير من طبيب عالمي مشهور بأنَّ وباءً قادماً سببه الطيور يمكن أنْ يقضي على نصف البشريَّة يمكن أنْ يكون مؤشراً على إعلان حرب باردة جديدة لكنْ هذه المرة ليست بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق التي بدأت مع نهاية الحرب العالمية الثانية (1945) وانتهت مع سقوط جدار برلين (1989) ولا الحرب الباردة الوشيكة بين بكين وواشنطن, بل بيننا نحن البشر وبين الطيور. الوباء المحتمل الجديد مصدره مزارع الدجاج طبقاً لما أعلنه هذا الطبيب. وبصرف النظر عن صحة هذا الزعم أو عدمه فإنَّ الطيور التي قضت عمرها تقع على أشكالها غيرت مسالكها وطرق طيرانها وبدأت تسقط علينا أمراضاً أرض الله الواسعة التي كان الشنفرى حاول فيها البحث عما وصفه هو "بمنأى للكريم عن الأذى" وإذا به يجد هذا المنأى في الحيوانات. سيد شنفرى تعال "هسه وشوف حالنا ونحن محجورون وأهلك من سيد عملس وأرقط زهلول وعرفاء جيأل" تسرح وتمرح كان اكتفيت بطير واحد فقط هو .. طير الوروار.