رحيل صاحب «الأجنحة السحريَّة»

الصفحة الاخيرة 2020/06/03
...

علي حمود الحسن
 
غادرنا قبل أيام المؤلفُ الموسيقيُّ البارز عبد الأمير الصراف، عن عمر ناهز الـ 87 عاما، الصراف المولود في كربلاء في العام 1933، والحاصل على ماجستير تأليف موسيقي من اكاديمية بلغارية 1971، يعد اول من ألف الباليه في العراق، من خلال رائعته " الاجنحة السحرية " المستوحاة من ألف ليلة وليلة، التي قدمتها فرقة الموسيقى والباليه على مسرح الشعب 1974، وألف سمفونية بعنوان " التأميم " فضلا عن العديد من سيناريوهات الموسيقى للفرقة القومية للفنون الشعبية، أبرزها: " حمورابي"، و" عنتر وعبلة"، و "من حياة الريف " و "ليلة غجرية"، موظفا دراسته للفلكلور البلغاري سنة كاملة في العام 1972 .
ويعد الصراف من موهوبين قلة تفرغوا لتأليف الموسيقى التصويرية للأفلام وأغزرهم انتاجا، اذ وضع موسيقى لأكثر من ثلاثين فيلما وثائقيا وروائيا، في وقت كانت فيه موسيقى الأفلام لم تنضج بعد، على الرغم من اسهامات موسيقيين في هذا الضرب من الابداع، على شاكلة: صالح الكويتي، وناظم نعيم، وسلمان شكر، وجميل بشير، وصلحي الوادي وغيرهم، منها: " بيوت في ذلك الزقاق" (1977) من اخراج قاسم حول، و"التجربة"(1978) لفؤاد التهامي، و"الاسوار"(1979) للمخرج محمد شكري جميل، و" الباحثون"(1979) من اخراج محمد يوسف الجنابي، وفيلما " البندول" ()، و" شيء من القوة" (1988) لكارلو هارتيون، و "البيت "(1988) و " المنفذون" (1987) للمخرج هادي الراوي، و"ستة على ستة"(1988)، و"بديعة"(1989) لعبد الهادي مبارك، و" العملية911"(1993) للمخرج نزار شهيد الفدعم، وغيرها كثير، فضلا عن أفلام أخرى وثائقية منها على سبيل المثال لا الحصر: " الاهوار" (1976) لقاسم حول، و" الشتاء المر" (1973) للمخرج محمد شكري جميل ، و" الشريان" من اخراج عبد الرزاق العزاوي، و" من سعف النخيل الى خيوط الصوف" لطارق عبد الكريم.
وظف الصراف خبرته الموسيقية الاكاديمية في تكييف الأوركسترا السمفونية مع التعبير العراقي، وذلك بإدخال الهارموني وعلم "البولوفني" والتوزيع الأوركسترالي الى الموسيقى العراقية من اجل تطويرها، ودعم ذلك بإطار نظري فكتب " السلالم الموسيقية العربية وسلالم المقلم" (1973)، و" التوافق الهارموني " (1993)، مع كتيب صادر من دار الفنون الموسيقية بعنوان " تبسيط علم الهارموني " (2006)، وعلى الرغم من جهوده المذكورة، إلا أنه لم ينل ما يستحق على الصعيد المادي والمعنوي، اذ كان يعمل مستشارا في دائرة السينما والمسرح، ولم يتقاض أجرا عن مؤلفاته الموسيقية القلمية، فانكفأ على ذاته مبتعدا عن الجميع، وبعدها ارتحل الى تركيا حتى وفاته قبل أيام من دون ان توثق اعماله أو تحفظ.
سألت المخرج القدير قاسم حول، باتصال هاتفي، عن طريقة اشتغال مؤلف موسيقى فيلمي “الاهوار"، و"بيوت في ذلك الزقاق"، فأجاب: “رحم الله عبد الأمير الصراف، كان مؤلفا موسيقيا عارفا وفطنا، ومن خلال المناقشات والجلسات التي سبقت وضع الموسيقى للفيلم الوثائقي "الاهوار"، أجري دراسات ومسوحات عن بيئة المسطحات المائية، واقترحت عليه ان تكون الثيمة الرئيسة للموسيقى مقتبسة من اغنية “سودة اشلهاني" لمسعود العمارتلي، فأعجبته الفكرة كثيرا، ونفذها بجمال وعذوبة، اذ كانت مؤثرة ومنسجمة مع احداث الفيلم، حتى انها فازت بجائزة افضل موسيقى تصويرية ضمن ست جوائز أخرى خطفها الفيلم في مهرجان السينما العراقية 1976 "، والطريف ان الصراف كان يؤلف الانغام بفمه، بحسب ما يروي حول: " كنت انظر في الغرفة التي يعمل فيها عبد الأمير الصراف، فلم أجد بيانو أو عودا، وحينما شرعنا في العمل انهمك الصراف بالدندنة لإنجاز موسيقاه ".