مع ارتفاع معدلات الاصابة بفيروس كورونا، والتحذيرات المتزايدة للمواطنين بضرورة الالتزام بالاجراءات الوقائية وتجنب الاختلاط ومراعاة اجراءات التباعد الاجتماعي، والاهتمام بالنظافة الشخصية وعدم التنقل وغيرها من الاجراءات، لغرض السيطرة ومنع حصول المزيد من الاصابات، إلا ان تلك الدعوات الحكومية الصادرة من مختلف الاجهزة المعنية لا تزال عديمة التاثير في بعض المناطق والاماكن وخصوصا الشعبية المزدحمة التي تقف فيها الاجهزة الامنية عاجزة عن اقناع المواطنين الرافضين لتلك الاجراءات بضرورة الالتزام .
تخطي عدد الاصابات حاجز الخمسة الاف ودخولنا في متوالية عددية متصاعدة, إذ اصبح معدل الاصابات اليومي يبلغ اكثر من 150 اصابة، ينذر بمخاطر كبيرة, فبناء على هذا العدد المرتفع يوميا، فانه من المتوقع ان يتضاعف الرقم الى 5 الاف اصابة اخرى خلال شهر واحد، وهو معدل يبعث على القلق ويثير المخاوف من تحول الوباء الى عامل مميت للمصابين به في البلاد, اضافة الى ان هذا الارتفاع في معدلات الاصابة يشكل ضغطا على المستشفيات والمراكز الصحية والكوادر الطبية العاملة فيها ويستنزف قدراتها وامكانياتها، وربما يجعلها تخرج عن العمل .
المشكلة هنا تكمن في الوعي الجمعي للمواطنين الذين يصر بعضهم على انكار وجود الوباء، وان الامر مجرد تضخيم اعلامي لا اكثر, وانه لم تشاهد حالات لوفيات ضخمة او كبيرة بهذا الوباء يمكن ان تجعلهم يذهبون الى منازلهم واقفالها عليهم كما فعل الصينيون خلال بداية ظهور الوباء لديهم, إذ نجد ان هؤلاء المواطنين يصرون على التجمع والتنقل من مكان الى اخر وعدم ارتداء الكمامات واستخدام المعقمات والمطهرات ,بل ان منهم من اصطحب أسرته ايام العيد للذهاب الى المتنزهات القريبة من اماكن سكناهم في تصرف سلبي لا يقدر خطورة وعواقب هذه التصرفات على اسرهم ومجتمعاتهم.
قد تكون المبررات المعاشية والاقتصادية احد الاسباب التي تدفع بالحكومة نحو الاكتفاء بالحظر الجزئي , خصوصا ان الحكومة لا تملك الموارد المالية الضخمة التي تمكنها من تقديم الاعانات الكافية لاكثر من 7 ملايين مواطن يعملون بالاجور اليومية ولا يملكون اية مصادر مالية ثابتة، مقارنة ببعض الدول في المنطقة، او الاتحاد الاوروبي الذي وضع خطة طوارئ لتقديم اعانات مالية لمواطني دول الاتحاد بلغت اكثر من 1100 مليار يورو في الاقل, ومع ذلك فان التشدد باجراءات السلامة والالتزام بمعاييرها امر يجب ان لا تتهاون الحكومة فيه، وان تسعى لمراقبة التزام المواطنين بهذه الاجراءات بوصفه الحل الآمن لأزمة الوباء والحد من تداعيات انتشاره في البلاد، من خلال فرق ودوريات جوالة مخصصة لهذا الغرض.
ان استمرار حالات التعامل السلبي من قبل بعض المواطنين مع الازمة، وعدم ادراك خطورة عدم الالتزام بالتعليمات الوقائية بهذا الخصوص، سيكون عاملا مشجعا على ارتفاع اعداد الاصابات وتحول مدن البلاد الى بؤرة لانتشار الوباء، وبمعدلات تفوق حتى معدل الاصابات في الدول الموبوءة في المنطقة، وهو ايضا وضع يجب على الحكومة واجهزتها المختصة ان تتحرك لمعالجته وبزخم لا يقل عن زخم ظهور الوباء في ايامه الاولى .
التعايش مع الوباء وتخفيف قيود الاغلاق والعودة التدريجية لمختلف الانشطة، خطوات قامت بعض دول العالم باتخاذها معتمدة على وعي مجتمعي متصاعد، ومؤسسات طبية متقدمة مدعومة، واجراءات مراقبة غاية في الصرامة، والتعافي من الازمة وتجنب حصول خسائر ومضاعفات لا مبرر
لها .