د . صادق كاظم
تظل حادثة سقوط الموصل المؤسفة في العاشر من حزيران من العام2014 واحدة من المنعطفات في تاريخ العراق السياسي بوصفه كان جزءاً من مشروع اجرامي تكفيري يهدف ليس الى السيطرة على العراق ككل , بل ايضا التقدم صوب دول المنطقة الاخرى والخليج وصولا الى مكة المكرمة كما كشفت عنه المخططات والوثائق السرية لعصابات داعش .
السرعة التي تمت بها عملية سقوط المدينة نتيجة للاخطاء والارتباك الذي حصل في ادارة الموقف الامني وعدم وجود قوات احتياطية كافية والتي كان من الممكن ان تتحرك بسرعة لمنع عصابات داعش الاجرامية من تحقيق اهدافها,اضافة الى عدم معالجة الخلايا الارهابية النائمة التي كانت موجودة على طول الحزام الشمالي للعاصمة بغداد امتدادا الى الموصل ,حيث كان يوجد الآلاف من الارهابيين المقيمين بصورة سرية في تلك المناطق.لقد كان لفتوى الجهاد الكفائي التي اعلنت عنها المرجعية الدينية المباركة لسماحة السيد علي السيستاني اثرها الكبير والحاسم في تغيير الموقف الميداني كليا لصالح العراق حكومة وشعبا واستعادة زمام السيطرة مجددا من خلال القيام بنشر تشكيلات ضاربة من قوات الحشد الشعبي والقوات المسلحة بمختلف صنوفها والشروع باقامة خطوط الصد لحصر العناصر الاجرامية الارهابية في مناطق انتشارها التي وصلت اليها كمرحلة اولى ومن ثم الشروع بهجمات تحرير مضادة ضمن اسلوب القضم المستمر والتدريجي لتحرير المناطق المحتلة تباعا وفق اولويات ستراتيجية فرضتها ظروف المعركة والميدان فكانت ملحمة معارك (جرف النصر ) الصعبة والتي كانت تعد اخطر منطقة ستراتيجية كان تسيطر عليها داعش لتهديد محافظات الفرات الاوسط والعاصمة بغداد من جهتي الجنوب والجنوب الغربي ,حيث تم تحريرها وبعملية عسكرية بارعة فكان هذا النصر نقطة البداية نحو صولات التحرير الاخرى التي انطلقت وفق معدلات قياسية لتحرير المناطق المحتلة .ما حدث من مشاهد في العاشر من حزيران من العام 2014 سيبقى حاضرا في اذهاننا كعراقيين من خلال ما قامت به تلك العصابات الاجرامية من جرائم ذبح وقتل وتشريد ونهب وسبي واغتصاب لم يسبق وان مرت بها البلاد من قبل ,حيث كانت بالتأكيد صفحة سوداء وامتدادا سلوكيا بشعا لتصرفات وحشية ادمنت تلك العناصر الاجرامية على القيام بها والتي كانت انعكاسا لنفسيات مريضة ومشوهة وحاقدة ومليئة بكل العقد والامراض فكان اجترار مشاهد الذبح وقطع الرؤوس وابتكار عمليات التنكيل والموت وبطرق غير مألوفة مثل قتل الاشخاص عبر اغراق الاقفاص في احواض الماء او وضع القنابل في جيوب الاسرى وتفجيرها بالرصاص عن بعد او احراق الاشخاص وهم احياء وغيرها من الممارسات التي ظلت عقليات الاجرام الشاذة لقيادات داعش وعناصرها تنتجها وتعمل على ابتكارها واشاعتها كنهج توحشي لفرض السيطرة والتي اعطت في النهاية مردودا عكسيا ,حين سارعت بجعل تلك المناطق تلفظهم وتطردهم من خلال تعاون سكانها مع القوات الامنية المتقدمة للتحرير بالمعلومات والارشاد عن تلك العناصر والاطاحة بها. ان ماحصل في الموصل وما تلاها من احداث في ذلك اليوم الحزيراني تستدعي اجراء المراجعة والتحليل لتفادي تكرار ما حصل من اخطاء كارثية واصلاحها والعمل على معالجتها وتجنب وقوعها مرة اخرى .