آفاق الحوار العراقي الأميركي الرؤية الوطنية الموحدة

آراء 2020/06/13
...


مالك مسلماوي
 
ابتدأ في الحادي عشر من هذا الشهر/ حزيران وعبر دائرة الكترونية (الحوار العراقي - الاميركي) ذو الاهمية البالغة في ضبط العلاقة بين البلدين، وانعكاسها على الاوضاع في العراق والمنطقة.. اهمية الحوار تكمن بإيجاد منظور واضح لهذه العلاقة التي شهدت أخذا وردا وحالة من عدم الثبات، سببها الأول عدم استقرار المنظومة السياسية والأمنية في العراق منذ العام 2003، وما استجد من وقائع تالية تمثلت بالصراعات السياسية والطائفية وفساد الادارة وانفلات السلاح ونشاط القوى الارهابية، وصولا الى الانتكاسة الكبيرة في العام (2014) أمام عصابات (داعش)، التي لم تُعرَف اسبابها حتى الساعة.. ثم هزيمة (داعش) أمام الجيش والشرطة والحشد الشعبي، بمساندة ودعم قوات (التحالف الدولي) بقيادة الولايات المتحدة.

 ومع سعادة العراقيين بالانتصار على قوى الظلام، ظلت الاوضاع متردية على كل الصعد السياسية والامنية والاقتصادية، مع تفاقم الصراع على السلطة وتفشي الفساد، كل ذلك ادى الى نزول فئات كبيرة من الشعب العراقي الى الشارع في اوسع ممارسة احتجاجية في العراق .
وما زاد الطين بلة  على خلفية الصراع الاميركي - الايراني في العراق  كان الحدث (الصدمة) في اغتيال الشخصيتين المؤثرتين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، على يد القوات الاميركية في بداية هذا العام 2020، على طريق مطار بغداد، وجاء الرد بالهجوم على السفارة الامريكية من قبل مجاميع مسلحة, وقصف قواعدها في العراق، الأمر الذي جعل الحكومة العراقية في موقف حرج ازاء كل ذلك،مما دفع بالبرلمان العراقي المنقسم على نفسه للتصويت على الزام حكومة تصريف الاعمال بالطلب من الاميركان الخروج من العراق.
 واستجابة لهذا التشظي والارتباك، يأتي الحوار العراقي - الاميركي على اعقاب (معاهدة الاطار الاستراتيجي) التي وقعت عام 2008 بين البلدين, ولأن التأثير الايراني اقوى من نظيره الاميركي في الواقع العراقي، تم سحب القوات الاميركية نهاية العام (2011) في زمن حكومة المالكي.. مع الابقاء على اعداد من القوات لأغراض الاستشارة والتدريب، ثم عادت قوات التحالف بعد احتلال (داعش) لمناطق واسعة في شمال العراق.. ومع اشتداد الصراع الاميركي الايراني، متخذين العراق ميدانا له، وبعد (حادثة المطار)، تصاعدت حدة الصراع الى ابلغ مدى، ومارست ايران ضغطا مباشرا على الحكومة العراقية لإخراج القوات الاميركية مرة اخرى. 
 الان وبمبادرة من وزير الخارجية الاميركي (مايك بومبيو)، سيصار الى سلسلة حوارات حول ترسيم العلاقة المستقبلية بين العراق وامريكا، واعتقد بان النتائج ستكون لصالح البلدين والمنطقة بما فيها ايران, وربما تمهد لتفاهم اميركي - ايراني لاحقا.. ويبدو ان حكومة السيد (الكاظمي) ستستفيد من التجارب السابقة وتعالج ما اخفقت به الحكومات المتعاقبة، وتأتي هنا اهمية حسن اختيار الوفد المفاوض، فالمطلوب وحدة القرار العراقي وتذويب الاختلافات والوصول الى رؤية وطنية موحدة، بحوار عراقي /عراقي حول مجمل الملفات العالقة.
لقد طالب الوفد العراقي بدعم اميركي من الناحيتين الاقتصادية والامنية، لأهميتهما القصوى في تجاوز أزمة انخفاض اسعار النفط، ولملاحقة عناصر (داعش) التي نشطت في غياب دور (التحالف)، وانشغال الدولة بمقاومة وباء (كورونا)، كما من المحتمل ان يتضمن الحوار لاحقا اتفاقا عن جدولة لخروج القوات الاجنبية من العراق، وهو أمر يتسم بأهمية اولى لدى جهات سياسية عراقية تشكل ضغطا دائما على القرار العراقي.. ومن الضرورة ان يتبع هذا الحوار حوار (عراقي - ايراني)، يضمن للعراق سيادته كدولة تتعامل مع الجميع على اساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين.. فليس من مصلحة العراق معاداة امريكا، كما ليس من المصلحة معاداة ايران أو اية دولة اخرى، بل ارى من الضروري التحرك لانعاش التواصل الايجابي ومدّ جسور التعاون مع الدول العربية والاقليمية، وخلق أفضية واسعة للالتقاء على اساس استقلالية القرار والمصالح المتبادلة. الحوار سينجح مع الاقرار بوجود عقبات في المشهد السياسي العراقي، قد تؤخر تنفيذ بعض المطالب الامريكية والتي تحتاج من الحكومة العراقية الى بعض الوقت للمعالجة. الامر الآخر هو ما يتعلق بالتزام العراق ببنود الحصار الاميركي على ايران في ما يخص التبادل التجاري واستيراد الطاقة.