حسين علي الحمداني
بين عام 2014 ويومنا هذا، فاصل زمني ليس بالطويل، يجعلنا جميعا ندرك أهمية فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف، من أجل التصدي لقوى الشر والإرهاب، التي كشرت عن أنيابها علناً وقامت باحتلال مدن عراقية، وارتكبت زمرها الإرهابية واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ، هي جريمة سبايكر التي راح ضحيتها أكثر من 1700 من شباب العراق .
وعندما نستذكر خطبة جمعة الجهاد، في حزيران 2014، نستذكر معها مجموعة كبيرة من الرسائل التي أرادت المرجعية الدينية أن توصلها لنا، كشعب تعرف المرجعية جيدا مدى حبه لوطنه واستعداده للتضحية في سبيله؛ ومن أهم الرسائل التي يمكننا أن نؤشرها ونحن نعيش ذكرى الاندفاع العراقي الكبير في تلبية دعوة الجهاد، هي:
الرسالة الأولى، إن الفتوى المباركة أوقفت مخططات الإرهابيين ومن يقف وراءهم من قوى إقليمية أو قوى كبرى، ومزقت جزءاً كبيراً من خططهم في لحظة إعلان الجهاد، ومزقت ما تبقى منها في مراحل تحرير المدن العراقية.
الرسالة الثانية، أثبتت المرجعية الدينية كما عهدناها، أنها صمام أمان العراق، حين وضعت العراق وشعبه ووحدته كمهمة أولى لها، وهذا ما تجلى بوضوح عبر تشكيل ألوية وفصائل شعبية تطوعية تدعمها المرجعية الدينية بشكل مباشر، غايتها الأولى إيقاف تقدم الإرهابيين نحو المدن العراقية، وهدفها الثاني تحرير المدن التي احتلتها تلك المجاميع الإرهابية.
الرسالة الثالثة، توجيه دعم معنوي ومادي وبشري للقوات المسلحة العراقية بكل صنوفها، سواء الجيش أو الشرطة، ولا سيما أن تلك القوات التي كانت متواجدة في الموصل أو صلاح الدين وبعض المناطق الغربية، قد تعرضت لمؤامرة كبيرة نالت من قوتها ومن معنوياتها، وبالتالي وجدنا أن هذه الفتوى المباركة كانت بمثابة بث روح جديدة لدى المقاتل العراقي الذي استعاد كامل معنوياته، وتسلح بإيمان أقوى، وتوجه لأداء رسالته وواجبه في الدفاع عن العراق أرضا وشعبا.
أما الرسالة الرابعة، وهي الأكثر أهمية، فهي أن هذه الفتوى التي أثلجت صدور العراقيين ومحبي السلام في العالم، كانت في الوقت نفسه صفعة قوية لمن أراد الشر بالعراق وشعبه، إذ وجدنا أن من نتائجها المباشرة تحرير الكثير من المدن والقصبات العراقية في ديالى وصلاح الدين والأنبار في وقت قياسي، إذ ساهمت فيه قوات الحشد الشعبي الذي تشكل بموجب فتوى الجهاد الكفائي مساهمة فعالة، إضافة للقوات العراقية من جيش وشرطة.
اليوم ونحن نعيش مرحلة مهمة من مراحل تاريخنا، نجد أن ثمار هذه الفتوى المباركة أدت في النهاية إلى تحرير كافة الأراضي العراقية، وها هم أبطال الفتوى من مقاتلين شجعان، باتوا اليوم جزءاً مهما من المؤسسة العسكرية والأمنية العراقية، ولا سيما أن البرلمان العراقي قد شرع قانون الحشد الشعبي الذي بموجبه بات جزءاً من الجيش العراقي، وهذا التشريع أضفى المشروعية القانونية على هذه التشكيلات، بعد أن أخذت مشروعيتها الشعبية لحظة اندفاع الشباب العراقي متطوعين من أجل العراق.