طفولة في زمن المحنة

آراء 2020/06/17
...

زهير الجبوري 
 
يبدو أن مسألة المحنة العراقية لا تقف عند حدود الجائحة التي شكلت خطرا كبيرا على مستوى العالم بأجمعه، إنما هناك بعض التفاصيل الاجتماعية التي تبدو صغيرة في حياتنا، لكن خطرها أكثر مما نتوقع، وقد مررت سابقا قبل عدة شهور في تناول موضوعة الأطفال في مجتمعنا، الآن وفي زمن المحنة وفي ظروف استثنائية يخرج الناس لقضاء مستلزماتهم المطلوبة في التسوق اليومي وسط تشدد أمني شاهدته بأم عيني، تظهر بعض الصور لأطفال بأعمار حرجة جدا يتراوح ما بين (5 الى 9) أعوام من الجنسين وهم يتخاطفون بين الباعة والمتبضعين لبيع أكياس النايلون، والبعض الآخر شاهدتهم يتجمعون بجانب حاوية نفايات، وبعضهم أيضا يقف في التقاطعات المرورية لمسح الزجاج الأمامي للسيارات الواقفة، وهي طريقة للاستجداء، وقد اختص أصحاب الشأن في تشخيص هذه الحالات، فمنهم صنف ذلك تحت عنوان الآثار السلبية لعمالة الطفولة، والإشارة الى العوامل المحفزة للقيام بهذه السلوكيات كـ (النمو الجسدي والنمو المعرفي والنمو العاطفي) وتحليلها تحليلا دقيقاً، والقسم الآخر من أصحاب الشأن أشار الى سبب العمالة لهذه الفئة العمرية منها (حالة الفقر الاجتماعي وتدني المستوى الثقافي الأسري ونقص المعرفة ونقص التعليم الإلزامي)، وكل هذه الجوانب بقسميها يمثل صواب الحقيقة، ولكن المحنة الحالية تحتاج الى حذر بكيفية التعايش مع الأجواء السليمة، وخصوصا اذا ما علمنا بأن الجائحة الحالية تخترق جميع الأمكنة، فكيف الملوثة منها ..؟ وعلى الرقابة الصحية في كل مدينة عراقية ان تقوم بالإجراء اللازم في ايقاف هذه الطبقة البشرية (البريئة)، وليس غريبا عليهم ان يتعاملوا مع الواقع الملوث ونقله الى الناس واهاليهم بالدرجة الاساس، وربما حصل هذا الأمر في ظل اوضاع صحية غير سليمة، لهذا وجب على كل مختص أن يعي خطورة الحالة والسعي لإيجاد طرق توقف سلوكيات هذه الفئة العمرية من البشر، فالأطفال مهما كانت الظروف لا يمتلكون الوعي في معرفة سلوكياتهم وتحركاتهم، وهي مسألة معروفة لدى الجميع، وقد يكون عالم البراءة في زمن المحنة هو عالم خطر جدا في أجواء مشوبة بالخطر، وأعني عالم الطفولة غير 
المحصن ..
ومن جانب آخر، تظهر حقائق هذه الطبقة من الطفولة (الطبقة غير المنضبطة وغير ميسورة) من صلب الواقع المضطرب الذي أسفر عن فقد الأبوة في حالات كثيرة مرّ بها البلد في الحروب وآثار الارهاب والانفجارات المتتالية في السنوات الماضية، لتخلق جيلا من فئة الطفولة يعاني من سقم اجتماعي، وهو أمر طبيعي جداً في الوقت الذي نلمس فيه غياب السلطة او المؤسسة في معالجة هذه الحالات بالشكل المطلوب، لذلك تظهر النتائج غير مرضية، ولكل طفل يبحث عن حياة معيشية له ولأهله قصة غاية الدهشة، فزمن المحنة لا ينطوي على قراءة الأزمة في حالات المرض فقط، إنما في حالات مهمة وحساسة، حالات ننظر لها لمستقبل آت يحمله جيل ثم جيل
 آخر ..
في خضم المواقف والأحداث التي طرحتها، وددت الاشارة الى الانتباهة الكبيرة للتفاصيل الاجتماعية المتماهية مع الواقع في ظل المحنة الكبيرة التي نعيشها، ولم يكن الطفل العراقي سوى ضحية كبيرة يتحملها 
الجميع.