خصوم الديمقراطيَّة

آراء 2020/06/21
...

نجم بحري
 

مهما تكلمنا وتقولنا بعصر سومري ديمقراطي او فترة ملكية ليبرالية مر بها العراق فإننا لا بد أن نعيد بل ونؤكد (استبدادية التاريخ السياسي للعراق) قديما وحديثا.. هذا الاستبداد ليس بالطبع وليد بذرة معينة او نهج طارئ او مرحلة مؤقتة إنما هو وبكل ترجيح نتاج للبنيان الثقافي للمجتمع ولمسيرة سياسية واجتماعية واقتصادية وتربوية بعيد المدى .. ومثلما ليس غريبا أن تأتينا الديمقراطية بالمصادفة او من بنات الأفكار الخارجية فإنه لا غرابة ايضا بما تواجهه الديمقراطية الوليدة من موانع وإشكالات بل ومن مخاض طويل .. لم ينحصر نطاقها في جهة من الجهات او طرف من الأطراف إنما نستطيع أن نقول إن المجتمع منساق بقصد او من غير قصد في معاكسة الديمقراطية بقدر قد يكون قليلا او كثيرا، ولكن ليس هذا بالتأكيد جوهر المشكلة لأن من الطبيعي أن تواجه الديمقراطية مثل هذا الامر في بلد لم يعرف الديمقراطية ولم يعهدها طويلا بل عاش طوال عمره العجاف في ظل احتلالات واستبدادات متتالية.. وليس ايضا في اولئك الذين يرفضون الديمقراطية انطلاقا من خلفيات شوفينية معقدة او مصلحية إنما من اولئك الذين يتبنونها شكلا ويناقضونها مضمونا. او الذين يتعاملون معها كشيء وقتي انطلاقا من دوافع ما ولهدف ما .. بغض الطرف عن كونهم يتقصدون ذلك أم لا .. او يفعلون ما يفعلونه بوعي او من غير وعي .. لأن نتيجة ذلك واحدة وهي دفع العراق بعيدا عن هدف الديمقراطية ربما الى الاستبداد او الفوضى، وهؤلاء جميعا يستغلون الديمقراطية لأهداف ومصالح ذاتية وأنانية وإن اختلفت تأثيراتهم تبعا لمواقعهم وأساليبهم، ما يلزم أن نفرق أخلاقيا في الاقل بين من يتصرف بنزاهة ومن يتصرف بنفاق وغدر، فللتاريخ كلمته بكل تأكيد، لكن هذا لا يعني أن الديمقراطية باتت بلا أنصار البتة. فحتى هؤلاء الذين أشرنا إليهم قبل هذا يسهمون ايضا بنجاحها من خلال دفع الديمقراطية لانتاج نسقها السليم. هذا عدا اولئك الذين لم يجدوا فيها ما يناقض مصالحهم او الذين يؤمنون بها حقا .. وهم قلة بكل تأكيد. فالتناقضات والتحديات التي تواجهها الديمقراطية هي عامل صقل حقيقي لها.. وستكون الديمقراطية مؤهلة تدريجيا لردم هوة المصالح والاختلافات ليجد الشعب برمته في النهاية في حضرتها طال الوقت أم قصر .. والى ان يحين ذلك فإننا سنرى (ديمقراطيا) يستبد وصحفيا يرتعب من قول الحقيقة ومسؤولا ينافق لأن المسألة ليست سهلة بل معقدة، ولا بد أن نفهمها بحكمة واتساع برحابة الصدر ومعين الوعي الذي لا 
ينضب ..