العنف الأسري في زمن «كورونا»

استراحة 2020/06/23
...

شمخي جبر
 

فرضت جائحة كورونا العديد من الإجراءات منها الحظر الوقائي والتباعد الاجتماعي، فكانت لهما آثارهما النفسية على الفرد والمجتمع، فضلاً عن الظروف الاقتصادية القاسية التي تعرضت لها بعض الفئات بعد توقف اعمالهم وانقطاع مصادر عيشهم.
كل هذا انعكس على الأسرة وأوضاعها النفسية والسلوكية وخاصة معيلها الذي اضطر لصرف جميع مدخراته ان كانت لديه مدخرات، فأصبح بوضع نفسي لا يحسد عليه. بعض أرباب الأسر زاد قلقهم من آثار العزل الاجتماعي والصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الأزمة، كما زاد الشعور بعدم الأمان المالي والفقر.
ويرى خبراء نفسيون ان التباعد الاجتماعي عندما يطول أمده قد تكون له آثار نفسية كالغضب والاكتئاب والقلق والحزن، والأكثر عرضة للآثار النفسية لهذه الأزمة هم من يعانون من انعدام الأمن المالي وبخاصة أولئك الذين فقدوا وظائفهم وفرص عملهم ومصادر عيشهم وعيش أسرهم، إذ سيتحملون ضغطا إضافيا يصعب حله. ويرى روري أوكونور، الباحث في جامعة غلاسكو وأحد المشاركين في بحثٍ نشرته دورية «ذا لانسيت سايكايتري»، إن «الإمعان في العزل الاجتماعي، والوحدة، والقلق، والتوتر، والإعسار المالي، هي بمثابة عواصف قوية تجتاح الصحة النفسية للناس». لذلك كانت الصدمة النفسية، والتوتر، والقلق، ونقص المساحة الآمنة.
فمثلا خلال فترة الحظر الوقائي ولشدة معاناة الانسان ومايتعرض له من ضغط ارتفعت نسبة الانتحار في العراق وهذه الحقيقة لم تعتمد على إحصائيات بل اعتمدت على رصد ومراقبة لوسائل الاعلام والسوشيال ميديا كذلك زاد مستوى الجريمة، فضلا عن ارتفاع نسبة وقائع العنف الأسري.
وقد أصدرت دائرة تمكين المرأة، في الأمانة العامة لمجلس الوزراء الشهر الماضي تقريرا خاصا بقياس أثر الأزمة الوبائية الراهنة في زيادة حوادث العنف المبنية على النوع الاجتماعي في العراق، وبمشاركة صندوق الأمم المتحدة للسكان الـ» Unfpa”، الذي تبنى رعاية عمليات الرصد والتقييم.
وقد اظهرت نتائج التقرير الذي اعتمد الاستبيان كوسيلة لجمع المعلومات ان العنف الأسري ووقائعه وحوادثه ارتفعت بشكل واضح خلال جائحة كورونا .
ربما ينسب هذا الامر الى الحظر والتباعد الاجتماعي وما تعيشه الاسرة وأفرادها من ظروف الخوف والتشنج والذي يعانيه بشكل خاص واكبر هو الأب رب الأسرة، فينعكس هذا الأمر ويتمخض على شكل حوادث عنف ضد الزوجة او الاولاد لتفريغ شحنة الغضب والتوتر النفسي الذي يعيشه رب الأسرة.
أكد تقرير دائرة تمكين المرأة العنف المبني على النوع الاجتماعي (ذكر انثى) والمقصود به أية عملية تمييز تتعرض لها المرأة هو عنف اذ يعرف (انتوني غدنز) العنف الاسري بأنه (السلوك العنيف الذي يمارسه احد أفراد الاسرة ضد عضو آخر في الاسرة نفسها.. واخطر انواعه هو ما يقترفه الذكور ضد الإناث).
ويعرف العنف في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة والذى وقعته الأمم المتحدة سنة 1993 بأنه( أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل ان ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحريـة، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة). هل نحن بحاجة الى قانون لمكافحة العنف الأسري؟ نعم هناك مشروع قانون اقترحته منظمات المجتمع المدني وناقشته وأغنته ورفعته لمجلس النواب منذ 2012 ومازال في أدراج المجلس بعد الخلاف بشأنه.
هذا المشروع يتخذ شرعيته استنادا الى المادة 29 من الدستور التي اشارت الى اهمية ايجاد قانون محدد لمواجهة العنف الاسري، التزاما بالاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق كاتفاقية (سيداو) والاعلان العالمي لحقوق الانسان، ويعالج القانون عملية مكافحة جريمة العنف الأسري والوقاية منها والحد من انتشارها ومعاقبة مرتكبيها ووضع آلية لمساعدة الضحايا الذين تقع عليهم وتأهيلهم والرعاية اللاحقة لهم.