آيّا صوفيّا
آراء
2020/07/16
+A
-A
حسن جوان
عندما أعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشكل مفاجئ قبل أيام تحويل متحف "آيا صوفيا" الى مسجد إسلامي رسمي أحدث هذا الإعلان صدمة كبيرة أيقظت الجرح الديني القديم لدى من ذكرت من كتلة مسيحية أرثوذوكسية. وقد نعلم عبر تاريخنا القريب أن هذا المعلم كان رمزاً لسقوط المدينة أيام السلطان محمد الفاتح العثماني، وقد حوّله الى مسجد على أيام سلطنته المديدة وبقي على هذه الصفة والحال الى أيام أتاتورك ليعلنه متحفاً عالمياً معتمداً الإشارة بهذا التحويل الى التصالح مع الغرب والشرق المسيحي وإنهاء الريبة والتوجس من الإسلام، وأكثر من ذلك بكثير كان ذلك إيذاناً عالمياً بعلمانية الجمهورية التركية القائمة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية. من هنا يأتي إعلان اردوغان كخطوة نكوصية باتجاه إعادة أسلمة الجمهورية التركية ونفي الصفة العالمية لعاصمتها التاريخية بوصفها جامعة ثقافات "ملتيكالتشر" زاخرة بالتنوع العمراني والعرقي والاجتماعي.
كثيرة هي المساجد التي حولتها الدول المسيحية الى كنائس او متاحف، وكثيرة هي الكنائس التي تحولت الى مساجد في البلاد العربية والإسلامية، وهذا لا يدفعنا الى مناقشة ظروف كل منها بحسب خصوصيته وحساسيته، لكن النظر الى حادثة "آيا صوفيا" لا يمكن فهمها إلا من من خلال سياقها الحالي المتمثل في سيادة حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان، والى محاولة إعادة بسط الإرث العثماني ومبادئه على جميع مرافق الحياة والثقافة التركية الحديثة.