حسين رشيد
اخذت شؤون الحياة بمجملها التقدم نحو التخصص بل والتخصص الدقيق الذي يتيح للشخص العمل بتخصصه بابداع متجدد، اذ يعطي التخصص مساحة راحة وتفكيرا ودقة اكبر من ان يكون تحت عنوان عريض وعلى سبيل المثال حين نقول "طبيبا عاما"، او طبيب "صدرية وباطنية وقلبية"، غير ان نقول طبيب اختصاص امراض القلب، وربما يصل الامر او وصل حتى الى هذا التخصص فقد يكون هناك طبيب بكل جزء من القلب، الامر الذي يعني الدقة بالتشخيص والعلاج والتداخل الجراحي ايضا ما يعطي نتائج عالية المستوى.
الكتابة هي الاخرى دخلت حيز التخصص بمجال معين ان كان الصحفي او الادبي، فمن غير المعقول ان يكون الاديب شاعرا وقاصا وروائيا بذات الوقت، ممكن يكتب القصة والرواية باعتبارهما من سردا لكن هل ممكن ان يكون شاعرا ايضا ومسرحيا وان يكتب ببقية اجناس الادب، اعتقد ان ذلك ليس من الميسر ابداعيا، وان تم فلن يكون ذي جدوى.
وحتما تأتي الكتابة الصحفية ضمن هذا المعيار التخصص فثمة صحفي رياضي واخر اقتصادي وثالث يكتب بالشأن الفني والثقافي وهكذا، لكن من بين كل ذلك ثمة كاتب يريد الكتابة عن كل شيء وفي كل التخصصات فتارة يكتب في النقد الادبي السردي والشعري رغم ان هذا المجال الكتابي قد ناله التخصص، واخرى في الفوتوغراف وثالثة في الفلسفة، ومرة يكتب عن متابعة معرض تشكيلي وان فسح له الامر لكتب عن سباق الخيل او الابل، وفي نفس الوقت قد يكتب عن مسابقة ملكة جمال
العالم.
هذه الفوضى بالكتابة عن كل شيء واي شيء قد تكون محاولة للتكسب والربح على حساب اهمية الكتابة ودورها في التقويم والترويج والتبيان واعطاء مساحة للافضل، او للشهرة وكسب الاضواء والبهرجة ومحاولة ايهام الاخر بمعرفة كل شيء والمقدرة على كتابة كل شيء وادعاء الوصول الى الموسوعية الثقافية، وحتما مثل هؤلاء يكتبون اكثر مما يقرؤون بالتالي لن تأتي مثل هكذا كتابة مفادها ان كان لها مفاد، او ربما يذهب مفاد مقالة هنا واخرى هناك بسبب الفكرة او النظرة التي ستشكل عن هكذا كتاب، لن يبقى في الذاكرة اي شيء من كتاباتهم الصحفية التي قد تصل في اليوم الى ثلاثة مقالات في صحف مختلفة التوجه والخطاب دون الاكتراث لاهمية الموقف من خطاب كل صحيفة مهما كان. اذ سيكون الهدف الاهم اما التكسب او محاولة الشهرة او ايصال فكرة للمسؤولين عن الصحيفة او المؤسسة التي تصدر الصحيفة ان هناك كاتبا يمكن ان يكون تحت الطلب واليد.
لكن هذا لايمنع وجود كتاب وأدباء يتمكنون من الكتابة في عدة مجالات لكنهم قبل ذلك اسسوا لهويتهم الكتابية الخاصة اَي التخصص بالكتابة عن جنس او ثيمة معينة او اجتراح مجال جديد للكتابة ومع تراكم القراءات وتزايد المعرفة والانفتاح على بقية الفنون تمكنوا من الكتابة في عدة مجالات بسياق إبداعي
متجدد ...