يمكن تعليل تراجع الاقتصاد الحقيقي قبل وبعد 2003 الى اضعاف دور النقابات والجمعيات والاتحادات وغرف التجارة والصناعة في تحقيق اهدافها بموجب برامجها الانتخابية مهما كانت، وهذا ديدن السلطات غير الديمقراطية، لتلتقي مع الليبرالية التي حولت منظمات المجتمع المدني كما في اميركا الى مجرد منظمات غير حكومية بكل
ابتذال .
وهنا تواطأت الاضداد وتضافرت وكان الحصاد ما نلمسه الآن، حيث تكرس الاقتصاد الريعي مقصيا الاقتصاد الحقيقي بزراعته وصناعته وخدماته لنخوض في البطالة والازمات المالية والنقدية .
ينبغي التذكر دائما أن كل النقابات والمنظمات ليس لها صوت برلماني واحد، لذا لا بدّ من تعظيم دور النقابات والجمعيات والاتحادات وغرف التجارة والصناعة من خلال رسم دور لها مرتبط بالانتاج والاجتماع لتصبح ممثلا عمليا لجمهورها، كبديل عن الهويات الفرعية سياسية كانت او عشائرية او مناطقية لينعكس بالايجاب بشأن التعاطي مع الاستثمار، الذي يعد بوابة التنمية الاقتصادية باسسها
العامة .
ولعل الابرز في الامر أن تلقي الدولة الكرة في ملعب منظمات المجتمع المدني، كونها الممثل الشرعي، وتحملها دورا اساسيا في الانتاج، لأنها تمثل المستفيد الحقيقي من المشروع وتطوره كمصلحة حقيقية للمجتمع. فالانتخابات الجديدة لمنظمات حقيقية تسقط الذرائع عنها، كونها صاحبة حق فعلي وليس مجرد ممثل شكلي تتقاذفه مصالح لا تصب في خانة المشروع ولا عماله .
عمليا فلنتصور ان الجمعيات الفلاحية تدعو لمؤتمر عام بعد انتخابات حرة نزيهة باشراف قضائي لتروج لبرنامجها للذود عن الحقوق التقليدية للفلاحين مع حماية انتاجهم من الاستيراد العشوائي والاغراق، لان من مصلحة الفلاح زيادة الانتاج اولا وبسعر يغري لانتاج اكثر في العام الذي
يليه.
وهكذا لتذود عنه وعن جمعياته وتعاونياته لجنة برلمانية زراعية، اعضاؤها من العاملين الزراعيين والفلاحين لتحمّل الجمعيات في حال التقصير اداريا، بذلك يكون الصراع على المكشوف بين المهربين والمخربين ومن ورائهم، لتتدخل الدولة باجهزتها القضائية.
وكذا الحال في الصناعة والتجارة وصولا للسياحة لكشف الحساب ومعرقلات التطور بين السياحتين الدينية والتقليدية، فكل هذا يجعل الدولة حكما حقيقيا وليس طرفا له مستفيدوه ومعرقلوه .
ينبغي أن نضع حدا للاجراءات الموسمية والحلول المعلقة والمغيبة واعادة دور الرقابة المالية وجداولها والتخطيط ومطابقاتها، وكف تجاوزات اطراف خارج العلاقة بين الدولة ومجتمعها وعزل الاقتصادات الموازية والطفيلية كمنافسة تأكل جرف الاقتصاد الحقيقي .
علينا اخيرا معرفة ان اقتصادنا وادارته، بادواته الحالية، لا يوحدها اي هدف حقيقي ما لم تجر اعادة هيكلة الاجهزة الادارية التي اجهضت الاستثمار .