د. باسم الابراهيمي
يجري الحديث في الآونة الأخيرة عما يعرف بالركود المزمن الذي طرح من قبل "الفن هانسن" بعد ازمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، وقد دعا البعض الى الاستعداد لهذه المشكلة، مستندين في ذلك لعدد من المعطيات التي تشهدها الاقتصادات الصناعية اليوم، ويعد أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفرد "لورانس سامرز" من أبرز المتحدثين عن الموضوع، بعد ان قدم مجموعة من المبررات التي استنبطها من واقع الاقتصاد والمرحلة التي يعيشها واصفا أنها بداية الركود المزمن، فما هي معطيات هذه الازمة؟ وما هي السياسات الاقتصادية الاستباقية الممكنة
لمواجهتها؟
يشير "سامرز" الى عدد من القضايا التي يتوقع ملاحظتها إن كان الركود المزمن قد بدأ بالفعل في السنوات الأخيرة، أولها، انخفاض أسعار الفائدة، وبالفعل سلكت أسعار الفائدة الحقيقية تراجعا خلال السنوات العشرين الماضية، حتى مع زيادة عجز الميزانيات، اذ سجلت قيما سالبة في بلدان العالم الصناعي، على الرغم من الزيادات الكبيرة في الدين الحكومي. ثانيا، انخفاض النمو وصعوبة تحقيق التضخم المستهدف.
وهذا ما يتوقع حاليا بألا يحقق أي بلد من بلدان العالم الصناعي نسبة التضخم المستهدفة البالغة 2 %،
على الرغم من انخفاض أسعار الفائدة بشكل غير مسبوق ووصول العجز إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
ثالثا، تزامن النمو الضعيف مع استمرار انخفاض التضخم دون المستوى المتوقع. رابعا، إن الفترات التي شهدت انكماشا وتباطؤا في النمو شهدت أيضا تضخما في أسعار الأصول (المالية والحقيقية)، فقد ارتفعت أسواق الأوراق المالية الأميركية أربعة أضعاف منذ الأزمة، وعادت الأسعار الحقيقية للمنازل إلى مستويات الذروة السابقة
تقريبا.
إن المعطيات السابقة تفيد بظهور ازمة الركود المزمن، واستنادا الى هذه الرؤية يجب اتباع
إجراءات هادفة الى زيادة التضخم وليس تخفيضه،
فالاستقرار المالي معرض لمخاطر انخفاض الأسعار مثلما يتعرض لمخاطر ارتفاعها، الا أن المشكلة على المدى المتوسط ستكون في الاستيعاب الكامل للمدخرات وليس مزاحمة الاستثمار، الا أنه من غير المرجح أن يكون لدى البنوك المركزية (في ظل أسعار
فائدة سالبة في اليابان وأوروبا واقل من 2 بالمئة
في الولايات المتحدة) حيز كبير لمواجهة هذه الازمة، لاسيما إذا ما علمنا انها درجت على أن تواجه نوبات الكساد بخفض أسعار الفائدة بمقدار (5) نقاط مئوية، وهذا ما يستدعي من الاقتصاديين التفكير بابتكار حلول
جديدة.