ينصرف الذهن مباشرة الى الناتج المحلي عندما نعلم ان الواردات غير النفطية تساوي 8 بالمئة من مجمل الميزانية، (ضرائب، رسوم، حصة الموازنة من ارباح القطاع العام، والايرادات الرأسمالية والتحويلية، وايرادات اخرى) ومجموعها 6 مليارات و506 ملايين و421 الفا و 519 دولارا.
و لكي يتسع ويزدهر انتاجنا وتتنوع مواردنا غير النفطية، بعد حل اشكالية الطاقة فانه سيزاح كثير من ضبابية الرؤية، ليس في مجال المحاسبة فحسب، بل سيجعل ادواتنا جاهزة للثقافة التي فحواها الاعتماد على الذات بدون ادلجة تراوح بين الانغلاق والانفتاح لتدخلنا في الحلقات المفرغة المجربة. فالاقتصاد الاميركي وخلفه المجموعة الغربية التقليدية، يملكون الدولار وثقله النقدي، فضلا عن دورهم في موضوعة الملكيات الفكرية، والقوة العسكرية والامنية وبقية المشتركات وما وراءها، اما الاقتصاد الصيني فقوته ليست بحلفائه بل بسوق المليار و نصف المليار من البشر، مع انفتاح تجاري ومالي وصل كاكبر دائن على اميركا مع 8000 مشروع غربي يعمل في الصين، بحيث اطلق على الصين انها معمل العالم وطريق الحرير الذي يتمدد.
يكاد التكافؤ في الامكانات متوازنا عندما نختار بين شروط الطرفين غير المسيسة، لاسيما ان انتاجنا من اقتصادنا الحقيقي متواضع صناعيا وزراعيا، والا فالعمل الاستثماري لا تحدده الايديولوجيا، بل جدواها الاقتصادية، فالصين لديها استثمارات في التكنولوجيا، واميركا لها استثماراتها في فيتنام، كما ان الصين هي التي تقود الاستهلاك بسلع منافسة، وكل شركة تطمح ان تكون لها حصة في الاستهلاك الصيني .
بهذه الحال علينا الرهان على انتاجنا غير النفطي ليصبح موقفنا اقوى عندما لا يدخل النفط طرفا وحيدا كورقة، اذ يعبر عن استقرار يغري كوننا سوقا واعدة، كما ان الموارد غير النفطية كثيرة، منها استرداد المال المهرب واملاك النظام السابق، فضلا عن آلاف المصانع والورش والمشاريع، بدأت تتحرك ببطء في القطاع المختلط، كما بشرتنا هيئة استثمار بغداد بقرب ممارسة الصناعات الخفيفة عملها في الزعفرانية بعد فترة من السبات.
أما زراعيا، فبالرغم من مشكلة المياه مع كل من تركيا وايران عالقة، لكن هذا لا يعني اننا زرعنا حسب حصتنا المائية، ونحن نشكو من ازمة السدود والخزانات وتوفير المرشات والبيوت الزجاجية .
و تجاريا.. مازلنا نحبو في تصدير بعض المنتجات الزراعية الموسمية الخجولة، اذن الاجهزة والادوات، لابد من تطعيمها بهمة القطاع الخاص والمختلط، حيث الحساب والكتاب والعقاب والثواب آنيا، ولا ينتظر صدور تقارير هيئة الرقابة المالية، التي كانت سببا في عدم وضوح المخرجات والمدخلات لاسباب خارج ارادتها، لتنفيذ الاوامر الادارية المباشرة التي تقتضيها مصلحة العمل. ان المراهنة على حصاني الاقتصاد العالمي ( الاميركي والصيني) تتطلب توفر شروطها بالحد الادنى، الذي هو واضحا جدا لولا حجب الفساد، فالضرورات جلية واولوياتها معروفة، بعد الخروج من ثنائيات العمل الاقتصادي الى الثقافة الثالثة، التي لا تحددها ثنائيات الاولويات، بل يحددها حراك يعلن نفسه في البطالة ونسب الفقر (المدقع والاعتيادي) المزمن، وبنية تحتية باتت مفصلا ومنعطفا، فالاقتصاديون الدوليون ليسوا جمعيات خيرية او موالين لاحد، فجمعيهم، كل يبكي على ليلاه.