[I]
التغير في البِنى المجتمعيَّة هو تغيُّرٌ مؤسَّسي، يقوم على التغير في الوظيفة المجتمعيَّة التي تؤديها المؤسسة تجاه المجتمع. والمؤسسة المجتمعيَّة، من جهةٍ أخرى، هي بذاتها، وبالركائز التي تقوم عليها منفتحةٌ على التغير، ضمن شروط مجتمعيَّة بنيوية بذاتها.
[II]
إنَّ ضرورة الدِّين، بوصفه حقلَ فعلٍ مجتمعي داخل بِنيَة الثقافة المجتمعيَّة، تقوم على توفير ثلاثة ضروب من تسويغ الفعل المجتمعيّ، على أقل تقدير، هي
الآتية:
I - تقوم الأفعال المجتمعيَّة على الشرعية (في المجتمعيّ)، والمشروعية (في القانون)، وفي ذلك، يُعد الدِّينُ مصدراً من مصادرهما.
II - يوظَّف الدِّين في تكوين، وبناء العلاقات المجتمعيَّة المُنفتحة على الزحزحة في المفاهيم اِنطلاقاً من ثُنائيَّة [البِنيَة- والظرف]،
III - يُستخدم الدِّين في العلاقات الخارجية بين البلدان، بوصفه، تارةً المشترك الرابط بينها، وتارةً أخرى المختلف الرابط بينها.
[III]
كما تقوم مسألة التغير في فهم الدِّين، وتوظيفه، واِستخدامه في الوجود المجتمعيّ، على مسألة التأويل، على الصعيد النظريّ، وعلى مستوى إعادة توظيفه، وطبيعة وكيفِ توظيفه في الواقع المجتمعيّ، أي في الذِّهاب إلى الإنوجاد المجتمعيّ، بوصفه إمكاناً، اِنطلاقاً من فقدان القَبْليِّ Priori في الدِّين معناه، ووظيفته، ودلالته، وهدفه.
في الدِّين الذي يتوفَّر على إمكان المعنى، وبنائه، نكون أمام القَبْليِّ Priori في فهمه وتأويله وتفسيره وتوظيفه، من جهة، ونكون أمام البَعْديِّ Posteriori، القائم على ضروب التغير في الواقع المجتمعيّ، والوجود فيه، وإمكانات الإنوجاد
فيه.
[IV]
ولكن، بأية معانٍ وضمن أيَّة شروط إمكان يمكن أن نفكك إمكان التغير داخل حقل الدِّين، بوصفه حقلَ معنىً للفعل المجتمعيّ؟ وللفعالية المجتمعيَّة؟ وضمن أيَّة تساؤلات مجتمعيَّة- بنيوية يكون ذلك ممكناً؟
إنَّه تساؤل الصراع بين السلطة - وبين المعنى الفردي للدِّين. لأنه للدين ثُنائيَّات وجودية- مجتمعيَّة تتحدَّدُ، وتُحدِّد، في كل مرَّةٍ، على هذا النحو أو ذاك، بالاِنطلاق من إشكالات وإشكاليات ناتجة عن المحطات الآتية:
I - المحطة الأولى تتضمَّنُ ثُنائيَّة [الدِّين المجتمعيّ- والدين الفردي]: تُفهم هذه الثُنائِيَّة من جهة ما يتمُّ تحديده وضبطه بواسطة الدِّين المجتمعيّ داخل الدِّين الفردي، وإعادة إنتاج التصوُّرات، والأفكار، والوعي الديني داخل الذَّات
الفاعلة.
II - المحطة الثَّانية تتضمَّنُ ثُنائيَّة [دين السلطة- ودين المجتمع]: تلتقي مفاهيم ثلاثة داخل هذه الثُنائِيَّة هي ترتبط بمفهوم السلطة الدينية، والمؤسسة الدينية، والدولة
الدينية.
وعلى ذلك، يمكن فهم، وبناء الفهمِ بهذه الثُنائِيَّة حينما نتوفر على الوظيفة المجتمعيَّة لثلاثية السلطة- والمؤسسة- والدولة.
III - المحطة الثَّالثة تشتمل على ثُنائيَّة [الدِّين العقلانيّ- والدِّين الأسطوري]: تُؤخَذُ هذه الثُنائِيَّة من جذرها العميق متى قام التَّساؤل عن العناصر الأسطورية التي جعلت من العقل في موقع ستاتيكي- ثابت في / وعلى نمط بعينه من أنماط الوجود المجتمعيّ-
الديني.
IV - المحطة الرَّابعة تحتوي على ثُنائيَّة [دين الرجل العادي- ودين رجل الدِّين]: تتضمَّنُ هذه الثُنائِيَّة معنى المؤسسة المجتمعيَّة، والمؤسسات المجتمعيَّة التي تقوم على المؤسسة الدينية، وضروب الضبط – والتحديد- والتنظيم التي تُمارس على الذَّوات الفاعلة، والأفعال المجتمعيَّة.
وكذلك، هي منفتحة على أنماط، وشروط الإنتاج وإعادة الإنتاج التي من شأن بِنيَة الثقافة
المجتمعيَّة.
[V]
وفي هذا السَّبيل، للآيديولوجيا، في المعنى الكُلِّيّ والشامل لها، أي بوصفها رؤية كُلِّيَّة شاملة للعالَم والوجود والإنوجاد في العالَم، الدور والوظيفة الأساسيَّة في تكوين العناصر، والمُكَوِّنات الضرورية للأفعال المجتمعيَّة التي تدفع نحو التغيُّر في بِنيَة الثقافة. إنَّها تبني المضامين، والمنظورات المختلفة، والمتعدِّدَةِ، والمتنوِّعةِ، داخل الموضوعات الدينية نفسها التي كانت إلى وقت قريب، في الواقع المجتمعيّ، منغلقةً على ذاتها... إنَّه التغيُّر الأصليّ، لأنَّ كلَّ تغيُّر أصليّ يبدأ داخل بِنيَة الثقافة، وينسحب إلى بِنيَة الاِقتصاد، والسياسة،
بَعْدِيَّاً.