الصباح: سرور العلي
متأبطا رزمة من الصحف العراقية والعربية، اعتاد الثلاثيني محمد ياسر منذ عشرين عاماً أن ينطلق صباح كل يوم من مقر وكيل الصحف في ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية، ليبيعها على رواد المقاهي الشعبية والمحال التجارية والمكتبات.
وتحدث ياسر عن رحلته اليومية لـ"الصباح"، قائلاً: "بيع الصحف هو المصدر الوحيد لي للعيش وإعالة أسرتي، أنا البائع الجوال الوحيد المتبقي في محافظتي، حصلت على بكالوريوس لغة عربية ولكنْ بسبب عدم الحصول على وظيفة لجأت لبيع الصحف".
ويؤكد ياسر "أنه على الرغم من انتشار مواقع التواصل الاجتماعي والسرعة في نقل الأخبار، إلا أن هناك كبار السن ومحبي الصحف الورقية تجذبهم لا سيما أنها تحمل المصداقية والدقة في مضمونها".
ومع اجتياح وباء "كورونا"، والاحتجاجات المناهضة للحكومة التي تشهدها مدينة الناصرية، ما زال ياسر يصرُّ على مواصلة رحلته اليوميَّة، ويروق له أحياناً التحدث مع زبائنه عن الأحداث الواردة في الصحف، وهم ينفثون دخان سكائرهم ويرتشفون أكواب الشاي الساخنة، ويفضل السكان المحليون أنْ يطلقوا عليه لقب "محمد ابو الجرايد".
وعن الصعوبات والتحديات التي تواجهه أوضح ياسر "أعاني من المسافات التي أقطعها يومياً سيراً على الأقدام تصل إلى خمسة كيلو مترات".
وأضاف وهو يمسح حبات العرق عن جبينه "قلة واردات بيع هذه الصحف دفع بالكثيرين ومنذ سنوات الى امتهان أعمال أخرى، كما أنَّ ظروف الحظر الصحي أدت إلى غلق دور الصحف والمطابع ولجوء البعض للمواقع الالكترونية".
وبين أنَّ "الإقبال شديد على الصحف الحكومية، كونها تتضمن في صفحاتها قرارات مصيريَّة وتهم شريحة كبيرة من الناس".
ويأمل ياسر أنْ تعود الحياة مثلما كانت قبل جائحة كورونا، ليمارس عمله اليومي، وأنْ تعطى أهمية كبرى للصحف الورقية.