يعد العمل احد عناصر الإنتاج الأربعة التي يتم بحثها في علم الاقتصاد، وقد كتبت العديد من النظريات المتعلقة بدوره في العملية الإنتاجية وكيفية الاستفادة منه في تحقيق التنمية الاقتصادية، وعلى الرغم من ان البعض كان يعتقد ان التضخم السكاني يعد مشكلة اقتصادية، الا أن التجربة الصينية اثبتت
إمكانية تحويلها الى ميزة من خلال المساهمة في الإنتاج، وبالمقابل تفتقر بعض الدول لهذا العنصر نتيجة قلة عدد السكان (مثل الدول الاسكندنافية) او تركيبته المتجهة للشيخوخة (مثل اوروبا واليابان)، وإذا ما اطلعنا على سوق العمل في العراق نجدها تعاني من ارتفاع نسبة البطالة، التي تعمقت بسبب جائحة كورونا، فضلا عن تفشي ظاهرة البطالة المقنعة بسبب تضخم العاملين في القطاع الخاص وهذه المؤشرات تؤكد هدر هذا المورد
الاقتصادي المهم.
لقد اشرت في عمود سابق الى تقرير نشرته مؤسسة استشراف المستقبل في ابو ظبي يتضمن استشرافاً مستقبلياً للوظائف التي تتطلبها سوق العمل بعد العام 2040 التي سيعمل بها جيل “ألفا” (مواليد ما بعد 2010)، وقد بين التقرير انخفاض الطلب على بعض الوظائف الحالية بشكل كبير في مقابل عدد من الوظائف الجديدة التي ستحتاج إليها سوق العمل بعد
العام 2040 .
وبالتأكيد فان هذه المجالات ستؤسس وظائف جديدة، وفي الوقت ذاته ستنهي وظائف قائمة، وبالتالي فإن سوق العمل في العراق بحاجة الى مواكبة هذه التطورات، لكي تستوعب أعداد العاملين المضافين سنويا المقدر عددهم بنصف مليون شخص وتتم الافادة منهم، لاسيما ان المجتمع العراقي يتسم بطاقته الشابة، حيث إن اكثر من نصف السكان هم تحت سن (33) سنة وهذه ثروة اقتصادية يجب
الافادة منها.
أخيرا لا بد من الإشارة الى ان العراق وعلى الرغم من صدور قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي رقم (4) لسنة 2009، الا ان تشكيل المجلس لم يكتمل الا خلال هذا العام ولم يفعل عمله حتى الآن، وعليه نرى ان تفعيل عمل هذا المجلس يعد خطوة مهمة على طريق تطوير الوظيفة العام، التي تشكل الركن الأساس لسوق العمل حاليا، فضلا عن ذلك نحن بحاجة الى ربط قطاع التعليم بسوق العمل وتجسير الفجوة الحالية التي كان من أبرز نتائجها افتراش الخريجين لأرصفة الشوارع المقابلة للوزارات العاجزة عن استقبال موظفين جدد، بسبب اصابتها بـ “تخمة” التوظيف وعدم توفر
السيولة المالية.