بينما يترقب أغلب المحللين والمتابعين ما سينتج عن زيارة الكاظمي الى كردستان، كان جل اهتمامي وتركيزي بجزئية واحدة مختلفة عن الجميع تعالوا لاحدثكم عنها:
كنت أفكر هل أنَّ الكاظمي سينتبه الى حجم التطور الهائل الذي قطعه اقليم كردستان في مجال الخدمات الأساسيَّة؟
وأسأل عقلي هل سيقارن بين ما تحقق في محافظات الإقليم، بينما بغداد دار السلام تتراجع في الخدمات والبنى التحتية المتراجعة وهي ممزقة
وعشوائيات؟
اتضح لي في ما بعد أنه انتبه وقد التقى فعلاً بالشركات التي نفذت مشاريع الطرق العملاقة التي أبهرته، كما نحن نراها تتسع في كل زيارة للإقليم.
كنت قد كتبت العديد من المقالات هنا وعلى هذه الصفحة الاقتصادية عن نجاح الإقليم وفشل المركز في تنفيذ المشاريع والبناء والإعمار وغالباً ما دعونا لقيام المحافظين ومدراء الاستثمار في المحافظات لزيارة الإقليم والاطلاع على طبيعة وآليات التخطيط والتنفيذ والتوأمة مع محافظات الإقليم وكان هذا قبل أكثر من عقد من الزمن ولكن لا أحد
يسمع.
كانت الحجة استقرار الإقليم وفوضى المحافظات، وكنا نقول نعم ولكنْ لنبدأ بالمحافظات المستقرة في جنوب البلاد والنتيجة لا أحد يسمع.
صحيح أن الفوضى كانت عارمة في المناطق التي احتلتها عصابات داعش الارهابية التي عاثت في الأرض، لكنْ لماذا لم نشرع في المحافظات الاخرى؟
اليوم.. بنا حاجة فعلية لتوأمة محافظات العراق بمثيلاتها في الإقليم والإفادة من تجربة الإقليم أكثر من أي وقت مضى، وبالإمكان اعتماد الشركات المحلية والأجنبية التي استثمرت في
كردستان.
ورغم ان حاجة المحافظات المحررة التي تعرضت لعدوان عصابات داعش تستحق الاولوية في إعادة الإعمار، إلا أنه بالإمكان نقل التجربة لثلاث محافظات جنوب ووسط وشمال العراق ومراقبة سير التنفيذ ومدى نجاح التجربة وتعميمها في ما بعد على جميع المحافظات.
لاحظوا أنَّ كل هذا التطور الذي تحقق في كردستان كان على ايدي القطاع الخاص المحلي والخارجي، فهل سنستفيد من التجربة وفسح المجال للقطاع الخاص.
عشرات المقالات نشرناها عن تلك التجربة ومؤرشفة في جريدة الصباح تحكي قصص النجاح في الاقليم والفشل في المحافظات الأخرى.
إنَّ حجم مشكلة الخدمات والبنى التحتية في البلاد والتي شغلتني عن سواي من المتابعين للزيارة لا تقل اهمية عن الجانب السياسي والمشكلات العالقة، وبذلك فإنَّ الاقتصاد هو السبيل الأمثل لحل كل المشكلات. لأنَّ الخدمات الجيدة هي أساس الاستقرار ووسيلة لحل كل المشكلات
تباعاً.
من أجل ذلك انحسر اهتمامي بهذه الجزئية التي تبدو صغيرة بمعناها لكنها كبيرة بمضمونها، نراقب لنرى هل سنبدأ بتطبيق التجربة الرائدة والناجحة ونقلها من كردستان الى البصرة وصلاح الدين والعمارة وديالى وسواها ننتظر عسى ولعل.