مع اقتراب الموعد السنوي لفتح المدارس وبداية العام الدراسي الجديد وفي ظل عدم وجود اية دلائل تشير الى انتهاء جائحة كورونا، بات على القائمين على العملية التربوية وضع الحلول التي تحافظ على عودة آمنة للمدارس من خلال مجموعة إجراءات من شأنها المحافظة على حياة الطلاب والمعلمين على حد سواء مع العلم المسبق ان التوازن بين فتح المدارس وانخراط آلاف المتعلمين ومن جميع الفئات العمرية وبين المحافظة على سلامتهم امر فيه من الصعوبة الكثير.
ولكن الأصعب من ذلك هو ان جيلا بأكمله وبالأخص تلاميذ المرحلة الابتدائية انشغلوا باللهو واللعب، تاركين المدرسة لأكثر من ستة أشهر وهي فترة طويلة جداً يصعب فيها التأقلم مع المدرسة ومتطلباتها التعليمية بسهولة ويسر مرة أخرى دون تحمل المزيد من التعب والأعباء على الهيئات التعليمية وأولياء الأمور أيضاً، من هنا يجب ان يعطى الامر الأهمية القصوى لعودة الحياة التعليمية، اذا ما علمنا ان هناك الكثير من الدول فتحت مدارسها، بالرغم من معدلات الإصابة لديها اكثر بكثير مما موجود لدينا مع تعدد الاجراءات الوقائية والتدابير التي اتخذتها.
وجب علينا الاستفادة من تجارب الدول وعلى سبيل المثال هناك دول قامت بتوظيف معلمين إضافيين لتغطية النقص عند تقليل عدد الطلاب في الصف الواحد كفرنسا واورغواي، وهناك دول كاسكتلندا اعتمدت مبدأ الحضور المتقطع، اما المانيا اعتمدت على التدابير الوقائية كفحص درجة الحرارة والتباعد الاجتماعي وهناك دول أخرى مثل كوريا وسنغافورة وتونس قامت بتوفير معدات الحماية الشخصية للطلاب والمعلمين، أما في الولايات المتحدة فتركت الأمر لرئيس المقاطعة لاتخاذ القرار من أجل السلامة أولاً ومن ثم تعليم جيد يستحق التضحية والمجازفة من قبلهم بصحة أبنائهم، لذا وجب الاستنارة بآراء الجميع كأولياء الأمور والتربويين من المعلمين والمدرسين والكوادر الصحية وغيرها للوصول الى حلول من شأنها مواصلة العام الدراسي، وليس العودة الى الغلق بعد فترة وإرباك العملية التعليمية، التي أحد اهم مميزاتها عبر التاريخ هو الصرامة في التعامل مع الأمور واتخاذ القرارات، لذا التراجع ليس من صالحها وهو امر يفقدها الهيبة المعتادة ويصاب المجتهدون فيها بخيبة امل، قد تؤثر سلباً في تحصيلهم الدراسي، لذا يجب أنْ يكون التخطيط مستنداً الى إحصاءات دقيقة وموضوعية كمعرفة عدد المدرسين غير القادرين على التواصل مع الطلبة عبر التعليم الالكتروني، إذا ما اعتبرناه أحد خيارات المرحلة القادمة، وهذا أمرٌ مرجحٌ وسيحقق نجاحاً واتخذته العديد من الدول كخيار مع التعليم الورقي، وايضا يجب معرفة عدد المدارس التي فيها ساحات يمكن إشغالها للدراسة بالهواء الطلق كاجراء احترازي، للوقاية من خطر الإصابة، اذا ما علمنا ان اكثر الصفوف تفتقر الى التهوية المناسبة، ومن الأمور الأخرى التي يجب ان تكون فيها إحصائية دقيقة عدد المدارس التي بحاجة الى صيانة للمرافق الصحية وتوفير الماء من عدمه فيها وكان من المفروض العمل على تجاوز العقبات قبل إعلان بدء العام الجديد وتوفير البدائل المناسبة لذلك مع وضع خطط بديله في حالة ظهور إصابات ناهيك عن ما ذهبت اليه اللجان التربوية من تقليل عدد الطلاب في الصف الواحد وجعل الدوام بصورة متقطعة، وهذه الامور يجب ألا تُطرح كآراء شخصية، بل يجب ان تكون وفقاً لدراسات ميدانية، فشطر المدرسة افقيا امر يرفقه الكثير من الارباك وهذا ما نلتمسه من خلال تجاربنا التربوية، لذا اللجوء الى الشطر العمودي وجعل الدوام لجميع المراحل بعدد قليل من الطلبة في الصف الواحد أمراً ناجحاً واللجوء الى الدوام المتقطع فقط في المدارس التي تحتاج لذلك وحسب الأعداد لكل مدرسة وكونها مزدوجة أم لا؟