«الملاك الأزرق» توقف عرضه بسبب محاولة اغتيال الزعيم وحظر التجوال

الصفحة الاخيرة 2020/09/23
...

  جميل موزان

ترقب الجمهور البغدادي عرض فيلم " الملاك الأزرق" (1959) بعد ان ظلت سينما الخيام الانيقة تعرض "مقدماته" لأكثر من شهرين، وهي سابقة في سينمات بغداد المبتهجة بثورة 14 تموز، لكن المفاجأة غير السارة، ان الفيلم تأجل يوم عرضه بسبب حظر التجوال الذي شل بغداد، بسبب محاولة اغتيال الزعيم المحبوب عبد الكريم قاسم، وانتظرت طويلا الى ان تعود الحياة الى طبيعتها، اذ شاهدت العرض الأول له " يوم الاثنين في الساعة السابعة مساءً"، يومئذ كان ليل بغداد مثل حلم من أحلام الف ليلة وليلة، وقتها كنا شبابا نعشق السينما والحياة، ولكن لماذا الترقب لهذا الفيلم؟ 

سر الملاك الأزرق
من وجهة نظري، فإن الفيلم الهوليوودي الجديد، هو استعادة للفيلم الألماني الكلاسيكي الشهير "الملاك الازرق "للمخرج جوزيف فون ستيرنبرغ، المنتج في العام 1929 والمقتبس عن رواية الكاتب الألماني الشهير هنريش مان " بروفيسور أونرات"، ومثلت فيه الألمانية مارلين تتريش، التي أحبها الجمهور في كل ارجاء المعمورة، كذلك قصة الفيلم المثيرة التي تتحدث عن البروفيسور عمانويل راث(كيرت يورجينز) أستاذ النباتات في احدى الثانويات الالمانية ، وهو رجل اعزب مثالي تجاوز الخمسين من عمره، لا يقترب من النساء وليس له علاقة بهن، لفت انتباهه غياب طلاب صفه، بشكل متكرر، انتابه القلق وحاول معرفة السبب، فراح يتقصى ويتحرى غيابهم غير المبرر، فجاءه الجواب بعد ان أعترف له احد طلبته المواظبين على الدوام ، بان السبب هو " الملاك الأزرق" فاذهله الجواب واستفسر منه عن معنى " الملاك الأزرق" فقال التلميذ واسنانه تصتك من الخوف، انه اسم ملهى ليلي، يقدم على مسرحه راقصة فاتنة تدعى "لولو"( ماري بريت)، استشاط البروفيسور غضبا، وقرر الذهاب الى هنالك وانهاء هذه المهزلة، وإنقاذ طلابه من هذه الورطة الأخلاقية، فذهب الى النادي، إذ استقبلته لولو استقبالا حسنا، فاخبرها بما يريد من دون توتر، ،فوعدته خيرا، مشترطة عليه أن يأتي لزيارتها يوميا، وأخبرته باعجابها به ، لأنه رجل مثالي واخلاقي وحريص على طلابه، فصدقها المسكين ووقع في شراك فتنتها، وراح يتردد عليها فملكت قلبه ومشاعره، ولم يعد يطيق فراقها، أغرته بالزواج منها، وفعلا تزوجته، ثم تحول الى تابع ذليل لها وصار يتبعها، حاملا حقائبها ومستلزمات زينتها، اثناء جولاتها الليلية في ملاهي المدينة، ترك التدريس وتحول الى مادة للتندر، بعدها اهملته، وتعالت عليه، وحولته الى متشرد رث الثياب كث الشعر، ثم تخلت عنه وهو في الحضيض، هرع مدير مدرسته القديمة لمساعدته، وقال له يمكن ان تعود الى التدريس وتستعيد شخصيتك التي شوهتها تجربتك المريرة مع لولو، سنصلح كل شيء، اجابه ولكن كيف أستطيع أن أٌدرس طلابي، وانا بكل هذا التاريخ المشين، فاخبره المدير معظم طلابك تخرجوا، ولم يتبق الا الجدد الذين لا يعرفونك. 
 
اقتباسات
أثر " الملاك الأزرق" بالجمهور البغدادي، لأنه يبث رسالة وموعظة، نجدها دائما في واقعنا، وكذلك قوة الموضوع والإخراج في الفيلم الأول الذي اخرجه الألماني جوزف فون ستيرنبرغ من بطولة إميل جاننغز ومارلين ديتريش، التي اذهلت العالم بأدائها، ثم جاء فيلمنا الذي اخرجه الأميركي من أصل اوكراني إدوارد دميتريك، وهذا ليس الاقتباس الأول، فثمة اقتباسات أخرى بعضها عربي واميركي ولاتيني وهندي، ولعل اشهر الأفلام التي اقتبست من " الملاك الأزرق " في السينما العربية، فيلم " عالم وعالمة" للمخرج أحمد ياسين، وبطولة محمود ياسين ونادية الجندي وسيناريو وفيق الصبان، الذي تدور احداثه في طنطا، اذ تستهوي فرقة موالد فيها الراقصة لولو " نادية الجندي" طلبة الأستاذ هاشم " محمود ياسين" الذي يحاول ابعادهم عن غواية الراقصة، فيقع في حبائلها..