{مرد روحي} صورة الوجع شعراً

ثقافة 2020/09/23
...

عبدالحسين بريسم
يقول رسول حمزاتوف عن خلق القصيدة وما تريد قوله وهي أقرب ما أراه في الشعر "القصيدة في بساطة كلماتها"، ويقول علي المرهج "الروعة في الفطرة والموهبة ترتقي للابداع" في تعليق عني في إحدى قصائدي وأنا أقول عن د.عباس اليوسفي إنه جمع قول حمزاتوف والمرهج في "مرد روحي" واضاف الى القصائد فيها من جماله.. اليوسفي معنى وتأويل متفرد به، كيف لا هو اليوسفي داله الاول العنوان "مرد روحي"، عنوان لا يجيد خلقه الا هو، القصيدة انثى استثنائية في ثوب شفاف يسترها وتحتاج عيونا لترى الجمال عن بعد وترسمها أنامل عاشقه..
أريدني شاعرا متشردا/ حول طوفان من الاسئلة/ تطاردني - حنين الى اليوسفيات-
الاسئلة هي نصف المعرفة كما يقول سيد البلاغة علي بن ابي طالب (ع)، وهي ذات الاسئلة التي طالما تعطي اجابات شعرية عند اليوسفي وهي ذات الدلالات عن معنى الاسم اليوسفي من يوسف النبي وما يعني من النبوءة والبئر والرسالة، وايضا اليوسفي الفاكهة التي لا حد لجمالها ومذاقها وتجتمع عند المعنى الجمالي للاسم، ولكن هل يعني تشرد الشاعر لا يعني انه الحاكم بالنظام والتكوين الجمالي والمعرفي وهذا التضاد يخلق الشعر والحكمة في النص أعلاه.
يقول عباس اليوسفي في قصيدة رغبة في البكاء: "بي رغبة عارمة للبكاء / لا أنتظر احدا / او ربما خجل من الآتين / ضحك عليك / ام لأنك عيد / يا كم فرشت لأيامي / هذه المرة / وقلت بابا يغلق / اعني فرصة اخرى / رغبة تنتظرني / منذ اعوام وهي على جمر/ نارك تصلي / تخيطها عن كثب ناري / وانا / قمة في الرماد / يحشرني / يجرجرني / يسحلني / رغبة في البكاء"..
 يقول الناقد والشاعر الكبير علي سعدون عن اليوسفي .. "يستحق اليوسفي كل ما يقال عنه وهو يضع روحه على الورق ممزوجة بالقصيدة، الولد الطيني او صورة عباس اليوسفي في شخصية الالم ورغبته في البكاء يقصد الشعر كأنه يملك نهر البكاء ونهر الشعر طالما عمل على ذلك في قصائد مرد روحي.." 
وانا قمة في الرماد/ يحشرني/ يجرجرني/ يسحلني/ رغبة في البكاء.. انظر هذه المفردات كلها قوة الفاعل في افعاله الجبرية على ذات الشاعر وجسده ايضا وقبلهما روحه، ان صورة الحزن تعكسها دموع الشاعر ورغبته في البكاء اي قول وكتابته شعرا.. يقول عباس اليوسفي عن "مرد روحه": استوقفني ذات مرة رجل كث الاحلام طويل "في كل شيء الا قصير الامد، حاولت ان اسحبه الى مساحتي التي لا أظنها كما يتصورها البعض، لكنها على اية حال تظل مساحة لاتشبه المساحات التي علمني اياها سقراط المعلم الاول، كان غامضا يدعو الى الاستفهام كل من لايتكلم، وها انا اعصر نفسي كي اقول الشعر مرد روحي الثالثة لي سوف لا اكشف التقنيات التي اظنها واضحة المعالم. قيمة الشعر أن يكون واضحا ولايسد جميع الابواب فيفسد جميعه على قليله، واظن المعنى باديا نحو الاشراق الذي يأتي لمرة واحدة، اعني ابا تمام الطائي حينما أغلق الباب على مصراعيه وظلت تربو على شغف عيوننا.